الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَكَّلَهُ في بَيعِ شَيْءٍ مَلَكَ تَسْلِيمَهُ، وَلَمْ يَمْلِكْ قَبْضَ ثَمَنِهِ إلا بِقَرِينَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ قَبْضُهُ، لَمْ يَلْزَمِ الْوَكِيلَ شَيْءٌ.
ــ
التي وَكَّلَ فيها، وفارَقَ مَجْلِسَ الصَّرْفِ (1)؛ لأنَّ ذلك مِن شُرُوطِ (2) العَقْدِ، فتَعَلَّقَ بالعاقِدِ، كالإِيجابِ والقَبُولِ، وأمّا الثَّمَنُ فهو حَقٌّ للمُوَكِّلِ ومالٌ مِن مالِه، فكانت له المُطالبَةُ به. ولا نُسَلِّمُ أنَّ حُقُوقَ العَقْدِ تتعلَّقُ به، وإنَّما تتَعلَّقُ بالمُوَكِّلِ، وهي تَسْلِيمُ الثَّمَنِ، وقَبْضُ المَبِيعِ، والرَّدُّ بالعَيبِ، وضَمانُ الدَّرَكِ. فأمّا ثَمَنُ ما اشْتَراه إذا كان في الذِّمَّةِ، فإنَّه يَثْبُت في ذِمَّةِ المُوَكِّلِ أصْلًا، وفي ذِمَّةِ الوَكِيلِ تَبَعًا، كالضّامِنِ. وللبائِع مُطالبَةُ مَن شاء منهما، فإن أبْرَأ الوَكِيلَ لم يَبْرَأ المُوَكِّلُ، وإن أَبْرَأَ المُوَكِّلَ بَرِئَ الوَكِيلُ، كالضَّامِنِ والمَضْمُونِ عنه سَواء. وإن دَفَع الثَّمَنَ إلى البائعِ، فوَجَدَ به عَيبًا، فرَدَّه على الوَكِيلِ، كان أمانَةً في يَدِه، إن تَلِف فهو مِن ضَمانِ المُوَكِّلِ. ولو وَكَّلَ رَجلًا يَسْتَسْلِفُ له [ألفًا في](3) كُرِّ (4) حِنْطَةٍ، ففَعَلَ، مَلَكَ الموكِّلُ (5) ثَمَنَها، والوَكِيلُ ضامِنٌ عن مُوَكِّلِه، كما تَقَدَّم.
2018 - مسألة: (وإن وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ، مَلَك تَسْلِيمَه، ولم يَمْلِكْ قَبْضَ ثمنِه إلَّا بقَرِينةٍ. فإن تَعَذَّرَ قَبْضُه، لم يَلْزَمِ الوَكِيلَ شيءٌ)
لأنَّ
(1) في الأصل، م:«العقد» .
(2)
في م: «شرط» .
(3)
في م: «العامى» .
(4)
الكُرُّ: مكيال لأهل العراق، أو ستون قفيزًا، أو أربعون أردبًا.
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إطْلاقَ التَّوْكِيلِ في البَيعِ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ، لكَوْنِه مِن تَمامِه، ولم يَمْلِكِ الإِبراءَ مِن الثَّمَنِ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَمْلِكُه. ولَنا، أنَّ الإِبراءَ ليس مِن المَبِيعِ ولا من ثَمَنِه، فلا يكونُ التَّوْكِيلُ في البَيعِ توكيلًا (1) فيه، كالإِبراءِ مِن غيرِ ثَمَنِه. فأمّا قَبْضُ الثَّمَنِ، فقال القاضِي، وأبو الخَطَّاب: لا يَمْلِكُه. وهو أحَدُ الوَجْهَينِ لأصْحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّه قد يُوَكِّلُ في البَيعِ مَن لا يَأْتَمِنُه على قَبْضِ الثَّمَنِ. فعلى هذا، إن تَعَذَّرَ قَبْضُ الثَّمنِ مِن المُشْتَرِي، لم يَلْزَمِ الوَكِيلَ شيءٌ. ويَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَ قَبْضَ الثَّمَنِ؛ لأنَّه مِن مُوجَبِ البَيعِ، فمَلَكَه، كتَسْلِيمِ المَبِيعِ. فعلى هذا ليس له تَسْلِيمُا المَبِيعِ إلّا بقَبْضِ الثَّمَنِ أو حُضُورِه،
(1) في الأصل: «توكيله» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن سَلَّمَه قبلَ قَبْضِ ثَمَنِه ضَمِنَه. قال شيخُنا (1): والأوْلَى أن يَنْظرُ فيه، فإن دَلَّتْ قَرِينَةُ الحالِ على قَبْضِ الثَّمنِ، مثلَ تَوْكِيلِه في بَيعِ ثَوْبٍ في سُوقٍ غائبٍ عن المُوَكِّلِ، أو مَوْضِعٍ يَضِيعُ الثَّمَنُ بتركِ قَبْضِ الوَكِيلِ له (2)، كان إذْنًا في قَبْضِه، فمتى تَرَك قَبْضَه ضَمِنَه؛ لأنَّ ظاهِرَ حالِ المُوَكِّلِ أنَّه إنَّما أمَرَه بالبَيعِ لتَحْصِيل ثَمَنِه، فلا يَرْضَى بتَضْيِيعِه، ولهذا يُعَدُّ مَن فَعَل ذلك مُفَرِّطًا. وإن لم تَدُلَّ القَرِينةُ على ذلك، لم يَكُنْ له قَبْضُه.
(1) في: المغني 7/ 212.
(2)
سقط من: م.