الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا سَفِيهٍ، وَلَا مِنْ عَبْدٍ بِغَيرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيُتْبَعَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَإنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، صَحَّ، وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ.
ــ
1828 - مسألة: (ولا يَصِحُّ مِن صَبِيٍّ، ولا مَجْنُونٍ، ولا سَفِيهٍ، ولا مِن عَبْدٍ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه. وعنه، يَصِحُّ، ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ. وإن ضَمِن بإذْنِ سَيِّدِه، صَحَّ. وهل يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه أو ذِمَّةِ سَيِّدِه؟ على رِوَايَتَينِ)
لا يَصِحُّ الضَّمانُ مِن مَجْنُونٍ ولا مُبَرْسَمٍ ولا صَبِيٍّ غيرِ مُمَيِّزٍ، بغير خِلافٍ؛ لأَنه إيجابُ مالٍ، فلم يَصِحَّ منهم، كالنَّذْرِ والإقْرارِ. ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَصِحُّ مِن السَّفِيهِ المَحْجُورِ عليه. وهو قولُ الشافعيِّ. وقال القاضي: يَصِحُّ، ويُتْبَعُ به بعِدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه؛ لأنَّ مِن أصْلِنا أنَّ إقْرارَه صَحِيحٌ، يُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه، كذلك ضَمانُه. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّه إيجابُ مالٍ بعَقْدٍ، فلم يَصِحَّ منه، كالبَيعِ والشِّرَاءِ. فأما الإِقْرارُ، فلنا فيه مَنْعٌ. وإن سُلِّمَ، فالفَرْقُ بينَهما أنَّ الإِقْرارَ إخبارٌ بحَقٍّ سابِقٍ. وأمّا الصَّبِيُّ المُمَيِّزُ، فلا يَصِحُّ ضَمانُه. وهو قولُ الشافعيِّ. وخَرَّجَ أصحابُنا صِحَّتَه على الرِّوايَتَينِ في صِحَّةِ إقْرارِه وتَصَرُّفِه بإذْنِ وَلِيِّه. ولا يَصِحُّ هذا الجَمْعُ؛ لأن هذا الْتِزامُ [مالٍ لا](1) فائِدَةَ له فيه، فلم يَصِحَّ، كالتَّبرُّعِ والنَّذرِ، بخِلافِ البَيْعِ. وإنِ اخْتَلَفا في وَقْتِ الضَّمانِ بعدَ بُلُوغِه، فقال الصَّبِيُّ: قبل بُلُوغِي. وقال المَضْمُونُ له: بعدَ البُلُوغِ. فقال القاضِي: قِياسُ قولِ أحمدَ، أنَّ القولَ قولُ المَضْمُونِ له؛ لأنَّ معه سَلامَةَ العَقْدِ، فأشْبَهَ ما لو اخْتَلَفَا في شَرْطٍ فاسِدٍ. ويَحْتَمِلُ أنَّ القولَ قولُ الضّامِنِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ البُلُوغِ وعَدَمُ وُجُوبِ الحَقِّ عليه. وهذا قولُ الشافعيِّ. ولا يُشْبهُ هذا ما إذا اخْتَلَفَا في شَرْطٍ فاسدٍ؛ لأنَّ المُخْتَلِفَينِ ثَمَّ مُتَّفِقان على أهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ، والظّاهِرُ أنَّهما لا يَتَصَرَّفان إلَّا تَصَرُّفًا صَحِيحًا، فكانَ
(1) في ر ا: «مالا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولُ مُدَّعِي (1) الصِّحَّةِ هو الظّاهِرَ، وههُنا اخْتَلَفا في أهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ، وليس مع مَن يَدَّعِي الأهْلِيَّةَ ظاهِر يَسْتَنِدُ إليه، [ولا أصْلٌ وَرْجِعُ إليه](2)، فلم تَرْجَحْ دَعْواه. والحُكْمُ في مَن عُرِفَ له حالُ جُنُونٍ، كالحُكْمِ في الصَّبِيِّ، وإن لم يُعْرَفْ له حالُ جُنُونٍ، فالقولُ قولُ المَضْمُونِ له؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُه. وأمّا المَحْجُورُ عليه لفَلَسٍ، فيَصِحُّ ضَمانُه، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه؛ لأنَّه مِن أهْلِ التَّصَرُّفِ، والحَجْرُ عليه في مالِه، لا في ذِمّتِه، فهو كتَصَرُّفِ الرّاهِنِ فيما عدا الرَّهْنَ. فأمّا العَبْدُ، فلا يَصِحُّ ضَمانُه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، سَواءٌ كان مَأْذُونًا له في التِّجارَةِ أو لا. وبهذا قال ابنُ أبي لَيلى، والثَّوْرِيُّ (3)، وأبو حنيفةَ. ويَحْتَمِلُ أنَّ يَصِحَّ، ويُتْبَعَ به بعدَ العِتْقِ. وهو أحَدُ الوَجْهَين لأصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّه مِن أهْلِ التَّصَرُّفِ، فصَحَّ تَصَرُّفُه بما لا ضَرَرَ فيه على السَّيِّدِ، كالإِقْرارِ بالإِتْلافِ. ولنا، أنَّه عَقْدٌ تَضَمّنَ إيجابَ مالٍ، فلم يَصِحَّ بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، كالنِّكاحِ. وقال أبو ثَوْرٍ: إن كان مِن جِهَةِ التِّجارةِ، جاز، وإلَّا لم يَجُزْ. فإن ضَمِن
(1) في الأصل: «من يدعي» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «أبو ثور» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإذْنِ سَيِّدِه، صَحَّ؛ لأن سَيِّدَه لو أَذِنَ له (1) في التَّصَرُّفِ، صَحَّ. قال. القاضي: وقِياسُ المَذْهَبِ تَعَلُّقُ المالِ برَقَبَتِه؛ لأنَّه دَينٌ لَزِمَه بفِعْلِه، فتَعَلّقَ برَقَبَتِه، كأَرشِ جِنايَتِه. وقالْ ابنُ عَقِيلٍ: ظاهِرُ المَذْهَبِ وقِياسُه أنَّه يَتَعَلّقُ بذِمَّةِ السَّيِّدِ. وقد ذَكَر شَيخُنا هنا رِوايَتَينِ، وكذلك ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ، كاسْتِدانَتِه بإذْنِ سَيِّدِه. وسَنَذْكُرُ ذلك إن شاء اللهُ تعالى. فإن أذِنَ له سَيِّدُه في الضَّمانِ؛ ليَكُونَ القَضاءُ مِن المالِ الذي في يَدِه، صَحَّ، ويَكُونُ ما في ذِمَّتِه مُتَعَلِّقًا بالمالِ الذي في يَدِ العَبْدِ، كتَعَلُّقِ حَقِّ الجِنايَةِ بَرَقَبةِ الجانِي، كما لو قال الحُرُّ: ضَمِنْتُ لك هذا الدَّينَ على أنَّ تَأْخُذَ مِن مالِي هذا. صَحَّ.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَصِحُّ ضَمانُ المُكاتبِ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، كالقِنِّ؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ بالْتِزامِ مالٍ، أشْبَهَ (1) نَذْرَ الصَّدَقَةِ بمالٍ مُعَيَّنٍ. ويَحْتَمِلُ أنَّ يَصِحَّ ويُتْبَعَ به بعدَ عِتْقِه، كقَوْلِنا في العَبْدِ. وإن ضَمِن بإذْنِه، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَصِحُّ أيضًا؛ لأَنه رُبَّما أدَّى إلى تَفْويتِ الحُرِّيَّةِ.
(1) بعده في الأصل: «ما لو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثّانِي، يَصِحُّ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، لا يَخْرُجُ عنهما. فأمّا المَرِيضُ، فإن كان مَرَضُه غيرَ مَخُوفٍ، أو لم يَتَّصِلْ به المَوْتُ، فهو كالصَّحِيحِ، وإن كان مَرَضَ المَوْتِ المَخُوفَ، فحُكْمُ ضَمانِه حُكْمُ تبَرُّعِه، يُحْسَبُ مِن ثُلُثِه؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ بالْتِزامِ مالٍ لا يَلْزَمُه، ولم يَأْخُذْ عنه عِوَضًا، أشْبَهَ الهِبَةَ. وإذا فُهِمَتْ إشارَةُ الأَخْرَسِ، صَحَّ ضَمانُه؛ لأنَّه يَصِحُّ بَيعُه وإقْرارُه وتَبَرُّعُه، أشْبَهَ النّاطِقَ (1)، ولا يَثْبُتُ الضَّمانُ بكِتابَتِه مُنْفَرِدَةً عن إشارَةٍ يُفْهَمُ بها أنَّه قَصَد الضَّمانَ؛ لأنَّه قد يَكْتُبُ عَبَثًا أو تَجْرِبَةَ قَلَمٍ (2)، فلم (3) يَثْبُتِ الضَّمانُ به مع الاحْتِمالِ. ومَن لا تُفْهَمُ إشْارَتُه، لا يَصِحُّ ضَمانُه؛ لأنَّه لا يَدْرِي بضَمانِه، وكذلك سائِرُ تَصَرُّفاتِه.
(1) في م: «الباطن» .
(2)
زيادة من: م.
(3)
سقط من: الأصل.