الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَوَالةُ تَنْقُلُ الْحَقَّ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيهِ، فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَيهِ بِحَالٍ.
ــ
أنَّها عَقْدُ إرْفاقٍ مُنْفَردٌ بنَفْسِه، ليس بمَحْمُولٍ على غيرِه؛ لأنَّها لو كانت بَيعًا لَما جازَتْ؛ لأنَّه بَيعُ دَينٍ بدَينٍ، ولَما جاز التَّفَرُّقُ قبلَ القَبْضِ؛ لأنَّه بَيعُ مالِ الرِّبا بجِنْسِه، ولَجازَتْ بلَفْظِ البَيعِ، ولَجازَت بينَ جِنْسَين، كالبَيعِ، ولأنَّ لَفْظَها يُشْعِرُ بالتَّحَوُّلِ لا بالبَيعِ. فعلى هذا، لا يَدْخُلُها خِيارٌ، وتَلْزَمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ. وهذا أشْبَهُ بكَلامِ أحمدَ وأُصُولِه، ولابُدَّ فيها مِن مُحِيلٍ ومُحْتالٍ ومُحالٍ عليه.
1855 - مسألة: (والحَوالةُ تَنْقُلُ الحَقَّ مِن ذِمَّةِ المُحِيلِ إلى ذمَّةِ المُحالِ عليه، فلا يَمْلِكُ المُحتالُ الرُّجُوعَ عليه بحالٍ)
إذا صَحَّتِ الحَوالةُ، بَرِئَتْ ذِمَّةُ المُحِيلِ، وانْتَقَلَ الحَقُّ إلى ذمَّةِ المُحالِ عليه، في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. ورُوي عن الحَسَنِ، أنَّه كان لا يَرَى الحَوالةَ بَراءَةً
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلَّا أن يُبْرِئَه. وعن زُفَرَ، أنَّه قال: لا تَنْقُلُ الحَقَّ. وأَجْراها مُجْرَى الضَّمَانِ. ولَنا، أنَّ الحَوالةَ مُشْتَقَّةٌ مِن تَحْويلِ الحَقِّ، بخِلافِ الضَّمانِ، فإنَّه مُشْتَقٌّ مِن ضَمِّ ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ، فعُلِّقَ على كلِّ] (1) واحدٍ مُقْتَضاه وما دَلَّ عليه لَفْظُه. إذا ثَبَت ذلك، فمتى رَضِيَ بها المُحْتالُ ولم يَشْتَرِطِ اليَسارَ، لم يَعُدِ الحَقُّ إلى المُحِيلِ أبدًا، سَواءٌ أمْكَنَ اسْتِيفاءُ الحَقِّ، أو تَعَذَّرَ لِمَطْلٍ أو فَلَسٍ أو مَوْتٍ أو غيرِه. وبه قال اللَّيثُ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيدٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقال شُرَيحٌ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ: متى أفْلَسَ أو ماتَ، رَجَع على صاحِبِه. وقال أبو حنيفةَ: يَرْجِعُ عليه في حالين؛ إذا مات المُحالُ عليه مُفْلِسًا، وإذا جَحَدَه وحَلَف عليه عندَ الحاكِمِ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَرْجِعُ عليه في هاتَين الحالتَين، وإذا حُجِرَ عليه لفَلَسٍ؛ لأنَّه رُوِيَ عن عُثْمانَ، أنَّه سُئِل عن رجلٍ أُحِيلَ بحَقِّه،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فماتَ المُحالُ عليه مُفْلِسًا. فقال: يَرْجِعُ بحَقِّه (1)، لا تَوًى (2) على مالِ امْرِئ مُسْلِمٍ (3). ولأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ لم يُسَلَّمِ العِوَضُ فيه لأحَدِ المُتعاوضَين، فكان له الفَسْخ، كما لو اعْتاضَ بثَوْبٍ فلم يُسَلَّمْ إليه. ولَنا، أنَّ حَزْنًا جَدَّ سَعِيدِ بنِ المسَيَّبِ، كان له على عليٍّ، رضي الله عنه، دَينٌ، فأحالة به، فمات المُحالُ عليه، فأخْبَرَه، فقال: اخْتَرْتَ علينا، أبْعَدَكَ اللهُ. فأبْعَدَه بمُجَرَّدِ احْتِيالِه، ولم يُخْبِرْه أنَّ له الرُّجُوعَ. ولأنَّها بَراءَةٌ مِن دَينٍ ليس فيها قَبْضٌ مِمَّن هي عليه، ولا مِمَّن يَدْفَعُ عنه، فلم يَكُنْ فيها رُجُوعٌ، كما لو أَبرأَه مِن الدَّينِ، وحَدِيثُ عُثمانَ لم يَصِحَّ، يَرْويه خُلَيدُ (4) بن جَعْفرٍ، عن مُعاويَةَ بنِ قُرَّةَ، عن عُثمانَ، ولم يَصِحَّ سَماعُه منه (5). وقد رُوِيَ أنَّه قال: في حَوالةٍ أو كَفالةٍ. وهذا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ، ولو صَحَّ، كان قولُ عليٍّ مُخالِفًا له. وقَوْلُهم: هو مُعاوَضَةٌ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّه يُفْضِي إلي بَيعِ الدَّينِ بالدَّينِ، وهو مَنْهِيٌّ عنه. ويُفارِقُ المعاوَضَةَ بالثَّوْبِ؛ لأنَّ في ذلك قَبْضًا يَقِفُ اسْتِقْرارٌ العَقْدِ عليه، وههنا الحَوالة بمَنْزِلَةِ القَبْضِ، وإلَّا كان بَيعَ دَين بدَينٍ.
(1) بعده في م: «لأنه» .
(2)
التوى: الهلاك.
(3)
أخرجه البيهقي، في: باب من قال: لا يرجع على المحيل لا توى على مال مسلم، من كتاب الحوالة. السنن الكبرى 6/ 71.
(4)
في الأصل، م:«خلد» . وفي ق، ر 1:«خالد» . وهو خليد بن جعفر بن طريف أبو سليمان البصري. تهذيب الكمال 8/ 304.
(5)
سقط من: م.