الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ غَرَسَ الْأرْضَ، أوْ بَنَى فِيهَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ وَدَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، فَيَمْلِكُهُ، إلا أَنْ يَخْتَارَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ.
ــ
كَسْبِه، وكان للغُرَماء أن يَحْلِفُوا أنَّهم لا يَعْلَمُون أنَّه أعْتَقَه قبلَ الكَسْبِ، ويَأْخُذُونَ كَسْبَه؛ لأَنَّ إقْرارَه إنَّما قُبِل في العِتْقِ دُونَ غيرِه لصِحَّتِه منه؛ لكَوْنِه يَنْبَنِي على التَّغْلِيبِ والسِّرايَةِ، فلا يُقْبَلُ في المالِ؛ لعَدَمِ ذلك فيه، ولأنَّنَا نَزَّلْنا إقْرارَه مَنْزِلَةَ إعْتاقِه في الحالِ، فلم تَثْبُتْ له (1) الحُرِّيَّةُ فيما مَضَى، فيَكُونُ كَسْبُه مَحْكُومًا به لسَيِّدِه، كما لو أقَرَّ بعِتْقِه، ثم أقَرَّ له بعَينٍ في يَدِه.
1918 - مسألة: (وَإِنْ غَرَسَ الْأرْضَ، أوْ بَنَى فِيهَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ وَدَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، فَيَمْلِكُهُ، إلا أَن يَخْتَارَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ)
إذا كان المَبِيعُ أرْضًا، فبَناها المُشْتَرِي أو غَرَسَها، ثم أفْلَسَ، فأراد البائِعُ الرُّجُوعَ في الأرْضِ، نَظَرْتَ؛ فإنِ اتَّفَقَ المُفْلِسُ
(1) في م: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والغُرَماءُ على قَلْعِ الغِراسِ والبِناءِ، فلهم ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ لهم لا يَخْرُجُ عنه، فإذا قَلَعُوه، فللبائِعِ الرُّجُوعُ في أرْضِه؛ لأنَّه وَجَد عَينَ مالِه. فإن أراد الرُّجُوعَ قبلَ القَلْعِ، فله ذلك. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه أدْرَك مَتاعَه بعَيْنِه، وفيه مالُ المُشْتَرِي علي وَجْهِ البَيعِ، فلم يَمْنَعْه الرُّجُوعَ، كما لو صَبَغ الثَّوْبَ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَسْتَحِقَّه إلَّا بعدَ القَلْعِ؛ لأنَّه قبلَ القَلعِ لم يُدْرِكْ مَتاعَه إلَّا مَشْغُولًا بمِلْكِ المُشْتَرِي، فأشْبَهَ ما لو كان مَسامِيرَ في بابِ المُشْتَرِي. فإن قُلْنا: له الرُّجُوعُ قبلَ القَلْعِ. فقَلَعُوه (1)، لَزِمَهم تَسْويَةُ الأرْضِ، وأرْشُ نَقْصِ الأرْضِ الحاصِلِ به؛ لأنَّ ذلك نَقْصٌ حَصَل لتَخْلِيصِ مِلْكِ المُفْلِسِ، فكان عليه، كما لو دَخَل فَصِيلٌ دارَ إنْسَانٍ، فكَبِرَ، فأراد صاحِبُه إخْراجَه، فلم يُمْكِنْ إلَّا بهَدْمِ بابِها، فإنَّ البابَ يُهْدَمُ ليَخْرُجَ، ويَضْمَنُ صاحِبُه ما نَقَص، بخِلافِ ما إذا وَجَد البائِعُ عَينَ مالِه ناقِصَةً فرَجَعَ فيها، فإنَّه لا يَرْجِعُ في النَّقْصِ، فإنَّ النَّقْصَ كان في مِلْكِ المُفْلِسِ، وههُنا حَدَث بعدَ رُجُوعِه في العَينِ، فلهذا ضَمِنُوه، ويَضْرِبُ بالنَّقْصِ مع الغُرَماءِ. وإن قُلْنا: ليس له الرُّجُوعُ قبلَ القَلْعِ. لم يَلْزَمْهم تَسْويَةُ الحَفْرِ، ولا أَرْشُ النَّقْصِ؛ لأنَّهُم فَعَلُوا ذلك في أرْضِ
(1) في ق: «فقطعوه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُفْلِسِ قبلَ رُجُوعِ البائِعِ فيها، فلم يَضْمَنُوا النَّقْصَ، كما لو قَلَعَه المُفْلِسُ قبلَ فَلَسِه. فإنِ امْتَنَعَ المُفْلِسُ والغُرَماءُ مِن القَلْعِ، لم يُجْبَرُوا عليه؛ لأنَّه غَرْسٌ بحَقٍّ، ومَفْهُومُ قوله عليه السلام:«ليس لعِرْقٍ ظالِمٍ حقٌّ» (1). أنَّه إذا لم يَكُنْ ظالِمًا فله حَقٌّ. فإن بَذَل البائِعُ قِيمَةَ الغِراسِ والبِناءِ ليَمْلِكَه، أو قال: أنا أقْلَعُ وأضْمَنُ النَّقْصَ. فله ذلك إن قُلْنا: له الرُّجُوعُ قبلَ القَلْعِ. لأنَّ البِناءَ والغِراسَ حَصَلَ في مِلْكِه لغيرِه بحَقٍّ، فكان له أخْذُه بقِيمَتِه أو قَلْعُه و (2) ضَمانُ نقْصِه، كالشَّفِيعِ إذا أخَذَ الأرْضَ وفيها غِرَاسٌ أو بِناءٌ للمُشْتَرِي، والمُعِيرِ إذا رَجَع في أرْضِه بعدَ غَرْسِ المُسْتَعِيرِ. وإن قُلْنا: ليس له الرُّجُوعُ قبلَ القَلْعِ لم يَكُنْ له ذلك؛ لأنَّه بِناءُ المُفْلِسِ وغَرْسُه، فلم يُجْبَرْ على بَيعِه لهذا البائِعِ، ولا على قَلْعِه، كما لو لم يَرْجِعْ في الأرْضِ.
(1) أخرجه البخاري تعليقًا، في: باب من أحيا أرضا مواتا من كتاب الحرث: صحيح البخاري 3/ 140. وأبو داود، في: باب في إحياء الموات، من كتاب الإمارة. سنن أبي داود 2/ 158. والترمذي، في: باب ما ذكر في إحياء أرض الموات، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذي 6/ 146. والإمام مالك، في: باب العمل في عمارة الموات، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 743. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 327.
(2)
في الأصل: «أو» .