الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: وَكَّلْتَنِي أَنْ أتَزَوَّجَ لَكَ فُلَانَةً، فَفَعَلْتُ. وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَأَنْكَرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِغَيرِ يَمِينٍ. وَهَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
2033 - مسألة: (وإن قال: أذِنْتَ لي أن أتَزَوَّجَ لك فُلانَةً، فَفَعَلْتُ. وصَدَّقَتْه المرأةُ، فأنْكَرَ، فالقولُ قولُ المُنْكِرِ بغيرِ يَمِينٍ. وهل يَلْزَمُ الوَكِيلَ نِصْفُ الصَّداقِ؟ على وَجْهَين)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ الوَكِيلَ والمُوَكِّلَ إذا اخْتَلَفَا في أصْلِ الوَكالةِ، فقال: وَكَّلْتَنِي. فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، فالقولُ قَوْلُه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الوَكالةِ، ولم يُثْبتْ أنَّه أمِينُه فيُقْبَلَ قَوْلُه عليه. ولو قال: وَكَّلْتُك، ودَفَعْتُ إليك مالًا. فأَنْكَرَ الوَكِيلُ ذلك كلَّه، أو اعْتَرَفَ بالتَّوْكِيلِ، وأنْكَرَ دَفْعَ المالِ إليه، فالقولُ قَوْلُه؛ لذلك. ولو قال رجلٌ لآخَرَ: وَكَّلْتَنِي أن أتَزَوَّجَ لك فُلانَةَ، فَفَعلْتُ. وادَّعَتِ المرأةُ ذلك، فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، فالقولُ قَوْلُه. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: إن أقام البَيِّنَةَ، وإلَّا فلا يَلْزَمُ الآخَرَ عَقْدُ النِّكاحِ. قال أحمدُ: ولا يُسْتَحْلَفُ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضي: لأنَّ الوَكِيلَ يَدَّعِي حَقًّا لغيرِه. فأمّا إنِ ادَّعَتْه المرأةُ، فيَنْبَغِي أن يُسْتَحْلَفَ؛ لأنَّها تَدَّعِي الصَّداقَ في ذِمَّتِه، فإذا حَلَف، لم يَلْزَمْه الصَّداقُ، ولم يَلْزَمِ الوَكِيلَ منه شيءٌ؛ لأنَّ دَعْوَى المرأةِ على المُوَكِّلِ، وحُقُوقُ العَقْدِ لا تَتَعَلَّقُ بالوَكِيلِ. ونَقَل إسحاقُ بنُ إبراهيمَ عن أحمدَ، أنَّ الوَكِيلَ يَلْزَمُه نِصْفُ الصَّداقِ؛ لأنَّ الوَكِيلَ في الشِّراءِ ضامِنٌ للثَّمَنِ، وللبائِعِ مُطالبَتُه به (1)، كذا ههُنا. ولأنَّه فَرَّطَ حيث لم يُشْهِدْ على الزَّوْجِ بالعَقدِ والصَّداقِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْناه. ويُفارِقُ الشِّراءَ؛ لأنَّ الثَّمَنَ مَقْصُودُ البائِعِ، والعادَةُ تَعْجِيلُه وأخْذُه مِن المُتَوَلِّي للشِّراءِ، والنِّكاحُ يُخالِفُه في هذا كلِّه. فإن كان الوَكِيلُ ضَمِن المَهْرَ، فلها الرُّجُوعُ عليه بنِصْفِه؛ لأنَّه ضَمِنَه عن (2) المُوَكِّلِ، وهو مُقِرٌّ بأنَّه في ذِمَّتِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ، والشافعيُّ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: يَلْزَمُ الوَكِيلَ جَمِيعُ الصَّداقِ؛ لأنَّ الفُرْقَةَ لم تَقَعْ بإنْكارِه، فيكون ثابِتًا في
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الباطِنِ، فيَجِبُ جَمِيعُه. ولَنا، أنَّه يَمْلِكُ الطَّلاقَ، فإذا أنْكَرَ، فقد أقَرَّ بتَحْرِيمِها عليه، فصار بمَنْزِلَةِ إيقاعِه لِما تَحْرُمُ به. قال أحمدُ: ولا تَتَزَوَّجُ المرأةُ حتى يُطَلِّقَ، لَعَلَّه يكونُ كاذِبًا في إنْكارِه. وظاهِرُ هذا تحْرِيمُ نكاحِها قبلَ طَلاقِها؛ لأنَّها مُعْتَرِفَةٌ بأنَّها زَوْجَةٌ له، فيُؤْخَذُ بإقْرارِها، وإنْكارُه ليس بطَلاقٍ. وهل يَلْزَمُ المُوَكِّلَ طَلاقُها؟ فيه احْتِمالان؛ أحَدُهما، لا يَلْزَمُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ في حَقِّه نِكاحٌ، ولو ثَبَت لم يُكَلَّفِ الطَّلاقَ. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَه؛ لإِزالةِ الاحْتِمالِ، وإزالةِ الضَّرَرِ عنها بما لا ضَرَرَ عليه فيه، فأشْبَهَ النِّكاحَ الفاسِدَ. ولو مات أحَدُهما لم يَرِثْه الآخَرُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ صَداقُها (1) فتَرِث، وهو يُنْكِرُ أنَّها زَوْجَتُه فلا يَرِثُها. ولو ادَّعَى أنَّ فُلانًا الغائِبَ وَكَّلَه (2) في تَزَوُّجِ امرأةٍ، فتَزَوَّجَها له، ثم مات الغائِبُ، لم تَرِثْه المرأةُ إلَّا بتَصْدِيقِ الوَرَثةِ أو يَثْبُتُ ببَيِّنَةٍ. وإن أقَرَّ المُوَكِّلُ بالتَّوْكِيلِ في التَّزْويجِ، وأنْكَرَ أن يكونَ الوَكِيلُ (3) تَزَوَّجَ له، كان القولُ
(1) في ر، ق:«صدقها» .
(2)
في م: «وكيله» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولَ الوَكِيلِ فيه، فيَثْبُتُ التَّزْويجُ ههُنا. وقال القاضي: لا يَثْبُتُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه لا تَتَعَذَّرُ إقامَةُ البَيِّنَةِ عليه، لكَوْنِه لا يَنْعَقِدُ إلَّا بها. وذَكَرَ أنَّ أحمدَ نَصَّ عليه. وأشار إلى نَصِّه فيما إذا أنْكَرَ المُوَكِّلُ الوَكالةَ مِن أصْلِها. ولَنا، أنَّهما اخْتَلَفا في فِعْلِ الوَكِيلِ ما أُمِر (1) به، فكان القولُ قَوْلَه، كما لو وَكَّلَه في بَيعِ ثَوْبٍ، فادَّعَى بَيعَه، أو في شِراءِ عَبْدٍ بألْفٍ، فادَّعَى أنَّه اشْتَراه به. وما ذَكَرَه القاضي مِن نَصِّ أحمدَ (2) فيما إذا أنْكَرَ المُوَكِّلُ (3) الوَكالةَ، فليس بنَصٍّ ههُنا؛ لاخْتِلافِ أحْكامِ الصُّورَتَين وتَبايُنِهِما، فلا يكونُ النَّصُّ في إحْداهما نَصًّا في الأُخْرَى. وما ذَكَرَه مِن المَعْنَى لا أصْلَ له، فلا يُعَوَّلُ عليه.
(1) في م: «أمره» .
(2)
بعده في م: «عليه» .
(3)
في الأصل: «الوكيل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو غاب رجلٌ، فجاء رجلٌ إلى امْرَأتِه فَذَكَرَ أنَّ زَوْجَها طَلَّقَها وأبانَها ووَكَّلَه في تَجْدِيدِ نِكاحِها بألْفٍ، فأذِنَتْ في نِكاحِها، فعَقَدَ عليها، وضمِن الوَكِيلُ الألْفَ، ثم جاء زَوْجُها فأنْكَرَ هذا كلَّه، فالقولُ قَوْلُه، والنِّكاحُ الأوَّلُ بحالِه. وقِياسُ ما ذَكَرْناه أنَّ المرأةَ إن صَدَّقَتِ الوَكِيلَ، لَزِمَه الألْفُ إلَّا أن يُبِينَها زَوْجُها قبلَ دُخُولِه بها. وحُكِيَ ذلك عن مالكٍ، وزُفَرَ. وحُكِيَ عن أبي حنيفةَ، والشافعيِّ، أنَّه لا يَلْزَمُ الضّامِنَ شيءٌ؛ لأنَّه فَرْعٌ على المَضْمُونِ عنه، والمَضْمُونُ عنه لا يَلْزَمُه شيءٌ، فكذلك فَرْعُه. ولَنا، أنَّ الوَكِيلَ مُقِرٌّ بأنَّ الحَقَّ في ذِمّةِ المَضْمُونِ عنه، وأنَّه ضامِنٌ عنه، فلَزِمَه ما أقَرَّ به، كما لو ادَّعَى على رجلٍ أنَّه ضَمِن له (1) ألْفًا على أجْنَبِيٍّ، فأقَرَّ الضّامِنُ بالضَّمانِ وصِحَّتِه وثُبُوتِ الحَقِّ في ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه، [وأَنْكَرَه المَضْمُونُ عَنْهٍ](2). وكما لو ادَّعَى شُفْعَةً عَلَى إنسانٍ في شِقْصٍ اشْتَراه، فأقَرَّ البائعُ وأنْكَرَه المُشْتَرى، فإنَّ الشَّفِيعَ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ في أصَحِّ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م. وفي الأصل: «وأنكره المضمون» .