الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَكِنْ لَيسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ بِنَائِهِ. فَإِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ، فَهُوَ بَينَهُمَا، وَإنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَهُوَ لَهُ، وَلَيسَ لِلْآخَرِ الانْتِفَاع بِهِ. فَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ، خُيِّرَ الْبَانِي بَينَ أَخذِ نِضفِ قِيمَتِهِ مِنْهُ وَبَينَ أَخْذِ آلَتِهِ.
ــ
1899 - مسألة: (وليس له مَنْعُه مِن بِنائِه)
يَعْنِي على الرِّوايَةِ التي تَقُولُ: لا يُجْبَرُ المُمْتَنِعُ إذا أراد شَرِيكُه البِناءَ. فليس له مَنْعُه، لأنَّ له حَقًّا في الحَمْلِ وَرَسْمًا، فلا يَجُوزُ مَنْعُه منه.
1900 - مسألة: (فإن بَناه بآلَتِه، فهو بينَهما، وإن بَناهُ بآلَةٍ مِن عندِه، فهو له، وليس للآخَرِ الانْتِفاعُ به. فإن طَلَبَ الانْتِفاعَ به، خُيِّرَ البانِي بينَ أخْذِ نِصْفِ قِيمَتِه وبينَ أخْذِ آلَتِه)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للشَّرِيكِ بِناءَ الحائِطِ بأنْقاضِه، وله بِناؤُه بآلَةٍ مِن عندِه، فإن بَناهُ بآلَتِه وأنْقاضِه، فهو بينَهما (1) على الشَّرِكَةِ، كما كان؛ لأنَّ المُنْفَقَ إنَّما أُنْفِقَ على التّالفِ، وذلك أثَرٌ لا عَين يَمْلِكُها. وإن بَناه بآلَةٍ [مِن عندِه](2)، فالحائِطُ مِلْكُه خاصَّةً، وله مَنْعُ شَرِيكِه مِن الانْتِفاعِ به، ومِن وَضْعِ خَشَبِه ورُسُومِه عليه؛ لأنَّ الحائِطَ له. فإن أراد نَقْضَه وكان بَناه بآلَتِه، فليس له نَقْضُه؛ لأنَّه مِلْكُهما، فلم يكن له التَّصَرُّفُ فيه بما فيه مَضَرّةٌ عليهما. وإن كان بَناه بآلَةٍ مِن عندِه، فله نقْضُه؛ لأنَّه يَخْتَصُّ بمِلْكِه. فإن قال شَرِيكُه: أنا أدْفَعُ إليك نِصْفَ قِيمةِ البِناءِ ولا تَنْقُضْهُ. لم يُجْبَرْ؛ لأنَّه لَمّا لم يُجْبَرْ على البِناءِ، لم يُجْبَرْ على الإِبقاءِ. وإن أراد غيرُ البانِي نَقْضَه، وإجْبارَ بانِيه على نَقْضِه، لم يكنْ له ذلك على كِلْتا الرِّوايَتَينِ؛ لأنَّه إذا لم يَمْلِكْ مَنْعَه مِن بِنائِه، [فلَأنْ لا](3) يَمْلِكَ إجْبارَه على نَقْضِه أوْلَى. فإن كان له
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل: «فلئلا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الحائِطِ رَسْمُ انْتِفاعٍ، أو وَضْع خِشَبٍ، قال له: إمّا أن تَأْخُذَ مِنِّي نِصْفَ قِيمَتِه، وتُمَكِّنَنِي مِن انْتِفاعِي، وإمّا أن تَقْلَعَ حائِطَك، لنُعِيدَ البِناءَ بينَنا (1). فيَلْزَمُ الآخَرَ إجابَتُه؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ إبْطال رُسُومِه وانْتِفاعِه ببِنائِه، وإن لم يُرِدْ الانْتِفاعَ به، فطالبَه الثانِي بالغَرامَةِ أو القِيمَةِ، لم يَلْزَمْه ذلك؛ لأنَّه إذا لم يُجْبَرْ على البِناءِ، فأوْلَى أن لا يُجْبَرَ على الغَرامَةِ، إلَّا أن يَكُونَ قد أذنَ في البِناءِ والإنْفاقِ، فيَلْزَمُه ما أَذنَ فيه. فأمّا على الرِّوايَةِ الأولَى، فمتى امْتَنَعَ، أجْبَرَه الحاكِمُ على ذلك، فإن لم يَفْعَلْ، أخَذَ الحاكِمُ مِن مالِه وأنْفَقَ عليه، وإن لم يكنْ له مالٌ، فأنْفَقَ عليه الشَّرِيكُ بإذْنِ الحاكِمِ، أو إذْنِ الشرِيكِ، رَجَع عليه متى قَدَر. وإذا أراد بِناءَه، لم يَمْلِكِ الشَّرِيكُ مَنْعَه. وما أَنْفَقَ؛ إن تَبَرَّعَ به، لم يَكُنْ له الرُّجُوعُ به، وإن نَوَى الرُّجُوعَ به، فهل له الرُّجُوعُ بذلك؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ، بناءً على ما إذا قَضَى دَينَه بغيرِ إذْنِه. وإن بَناه لنَفْسِه بآلَتِه، فهو بينَهما، وإن بَناه بآلَةٍ مِن عندِه فهو له خاصَّة. فإن أراد نَقْضَه فله ذلك، إلَّا أن يَدْفَعَ إليه شَرِيكُه نِصْفَ قِيمَتِه، فلا يَكُونُ له نَقْضُه؛ لأنَّه إذا أُجْبِرَ على بِنائِه، فأوْلَى أن يُجْبَرَ على إبْقائِه.
(1) في م: «من بيننا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن لم يَكُنْ بينَ مِلْكَيهما حائِطٌ، فطَلَبَ أحَدُهما مِن الآخَرِ أن يَبْنِيا حائِطًا يَحْجِزُ بينَ مِلْكَيهما، لم يُجْبَرِ الآخَرُ عليه. رِوايَةً واحِدَةً. فإن أراد البِناءَ وَحْدَه، فليس له إلَّا في مِلْكِه، لأنَّه لا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ في مِلْكِ جارِه المُخْتَصِّ به، ولا في المِلْكِ المُشْتَرَكِ بغيرِ ما له فيه رَسْمٌ، وهذا لا رَسْمَ له فيه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان السُّفْلُ لرجلٍ، والعُلْوُ لآخَرَ، فانْهَدَمَ السَّقْفُ الذي بينَهما، فطَلَبَ أحَدُهما المُباناةَ مِن الآخَرِ، فامْتَنَعَ، فهل يُجْبَرُ؟ على رِوايَتَين، كالحائِطِ بينَ البَيتَينِ. وللشافعيِّ فيه قَوْلان. فإنِ انْهَدَمَتْ حِيطانُ السُّفْلِ، فطالبَه صاحِبُ العُلْو بإعادَتِها، ففيه رِوايَتان؛ إحْداهما، يُجْبَرُ. وهو قولُ مالِكٍ، وأبي ثَوْرٍ، وأحَدُ قَوْلَىٍ الشافعيِّ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُجْبَرُ على البِناءِ وَحْدَه؛ لأنَّه مِلْكُه خاصَّة. والثانيةُ، لا يُجْبَرُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ. وإن أراد صاحِبُ العُلْو بناءَه، لم يُمْنَعْ مِن ذلك، على الرِّوايَتَين جَمِيعًا. فإن بَناه بآلَتِه، فهو على ما كان، وإن بَناه بآلَةٍ مِن عندِه، فقد رُوِيَ عن أحمدَ، لا يَنْتَفِعُ به صاحِبُ السُّفْلِ. يَعْنِي حتى يُودِّيَ القِيمَةَ. فيَحْتَمِلُ أنَّه لا يَسْكُنُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ البَيتَ إنَّما يُبْنَى للسُّكْنَى، فلم يَمْلِكْه كغيرِه. ويحْتَمِلُ أنَّه أراد الانْتِفاعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالحِيطانِ خاصَّةً؛ مِن طَرْحِ الخَشَبِ، وسَمْرِ الوَتِدِ، وفَتْحِ الطّاقِ، وتَكُونُ له السُّكْنَى مِن غيرِ تصَرُّفٍ في مِلْكِ غيرِه. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ السُّكْنَى إنَّما هي إقامَتُه في فِناءِ الحِيطانِ مِن غيرِ تَصَرُّفٍ فيها، أشْبَهَ الاسْتِظْلال بها مِن خارجٍ. فأمّا إن طالبَ صاحِبُ السُّفْلِ بالبِناءِ، وأبَى صاحِبُ العُلْو، ففيه رِوايَتان؛ إحْداهُما، لا يُجْبَرُ على بِنائِه، ولا مُساعَدَتِه. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّ الحائِطَ مِلْكُ صاحِبِ السُّفْلِ، فلم يُجْبَرْ غيرُه على بِنائِه، ولا المُساعَدَةِ فيه، كما لو لم يَكُنْ عليه عُلْوٌ. والثانيةُ، يُجْبَرُ على مُساعَدَتِه والبِناءِ معه. وهو قولُ أبي الدَّرْداءِ؛ لأنَّه حائِطٌ يَشتَرِكان في الانْتِفاعِ به، أشْبَهَ الحائِطَ بينَ الدّارَين.
فصل: فإن كان بينَ البَيتَين حائِطٌ لأحَدِهما، فانْهَدَمَ، فطَلَبَ أحَدُهما مِن الآخَرِ بِناءَه، أو المُساعَدَةَ في بِنائِه، لم يُجْبَرْ؛ لأنَّه إن كان المُمْتَنِعُ مالِكَه، لم يُجْبَرْ على بِناءِ مِلْكِه المُخْتَصِّ به، كحائِطِ الآخَرِ، وإن كان المُمْتَنِعُ الآخَرَ، لم يُجْبَرْ على بِناءِ مِلْكِ غيرِه، ولا المُساعَدَةِ فيه. ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَلْزَمُ على هذا حائِطُ السُّفْلِ، حيث يُجْبَرُ صاحِبُه على بِنائِه، مع اخْتِصاصِه بمِلْكِه؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّ صاحِبَ العُلْو مَلَكَه مُسْتَحِقًّا لإِبقائِه على حِيطانِ السُّفْلِ دائِمًا، فلَزِمَ صاحِبَ السُّفْلِ تَمْكِينُه ممّا يَسْتَحِقُّه، وطَرِيقُه البِناءُ، فلذلك وَجَب، بخِلافِ مَسْألتِنا. وإن أراد صاحِبُ الحائِطِ بناءَه، أو نَقْضَه بعدَ بِنائِه، لم يكُنْ لجارِه مَنْعُه؛ لأنَّه مِلْكُه خاصَّةً. وإن أَراد جارُه بِناءَه، أو نَقْضَه، أو التَّصَرُّفَ فيه، لم يَمْلِكْ ذلك؛ لأنَّه لا حَقَّ له فيه.