الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ صَالحَ عَمَّا في الذِّمَّةِ بِشيْءٍ في الذِّمَّةِ، لَمْ يَجُزِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لأنَّهُ بَيعُ دَينٍ بِدَينٍ.
ــ
1876 - مسألة: (وإن صالحَ عمّا في الذمَّةِ بشيءٍ في الذِّمَّةِ، لم يَجُزِ التفَرُّقُ قبلَ القَبْضِ؛ لأنه بَيعُ دَينٍ بدَينٍ)
وقد نَهَى الشّارِعُ عنه.
فصل: وإن صالحَه بخِدْمَةِ عَبْدِه سَنَة، صَحَّ، وكانت إجارَة، على ما ذَكَرْنا. فإن باع العَبْدَ في السَّنَةِ، صَح البَيعُ، ويكونُ المُشْتَرِي مَسْلُوبَ المَنْفَعةِ بَقِيَّةَ السَّنَةِ، وللمُصالِحِ اسْتِيفاءُ مَنْفعَتِه إلى انْقِضاءِ السَّنَةِ، كما لو زَوَّجَ أمَتَه ثم باعها. وإن لم (1) يَعْلَمِ المُشْتَرِي بذلك، فله الفَسْخُ؛ لأنه عَيبٌ. وإن أعْتَقَ العَبْدَ في أثْناءِ المُدَّةِ، صَحَّ عِتْقُه؛ لأنّه مَمْلُوكٌ يَصِح بَيعُه، فصَحَّ عِتْقُه كغيرِه، وللمُصالِحِ أن يَسْتَوْفِيَ نَفْعَه في المُدَّةِ؛ لأنه أعْتَقَه بعدَ أن مَلَّكَ مَنْفَعَتَه لغيرِه، فأشْبَهَ ما لو أعْتَقَ الأمَةَ المُزَوَّجَةَ لحُرٍّ. ولا يَرْجِعُ العَبْدُ على سَيِّدِه بشيءٍ؛ لأنه ما أزال مِلْكَه بالعِتْقِ إلَّا عن الرَّقَبةِ، والمَنافِعُ حِينَئذ مَمْلُوكَة لغيرِه، فلم تَتْلَفْ مَنافِعُه بالعِتْق، فلا يَرْجِعُ بشيءٍ، ولأنه أعْتَقه مَسْلوبَ المَنْفعَةِ فلم يَرْجِعْ بشيءٍ، كما لو أعْتَقَ زَمِنا، أو مَقْطُوعَ اليَدَينِ، أو أمَة مُزَوجَة. وذَكَر القاضي، وابنُ عَقِيل، وَجْهًا أنَّه يَرْجِعُ على سَيِّدِه بأجْرِ مِثْلِه. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأن العِتْقَ اقْتَضَى إزالةَ مِلْكِه عن الرقَبةِ والمَنْفَعَةِ جَميعًا، فلَمّا لم تَحْصُلِ المَنْفَعَةُ للعَبْدِ ها هُنا، فكأنَّه حال بينَه وبينَ مَنْفَعَتِه. ولَنا، أن إعْتاقَه لم يُصادِفْ للمُعْتِقِ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سِوَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ، فلم يُؤثِّرْ إلَّا فيه، كما لو وَصَّى لرجلٍ برَقبَةِ عَبْدٍ ولآخَرَ بمَنْفَعَتِه، فأعْتَقَ صاحِبُ الرَّقَبَةِ، وكما لو أعْتَقَ أمَةً مُزَوَّجَة. قَوْلُهم: إنَّه اقْتَضَى زَوال المِلْكِ عن المَنْفَعَةِ. قُلْنا: إنَّما يَقْتَضِي ذلك إذا كانت مَمْلُوكَةً له، أمّا إذا كانت مَمْلُوكَةً لغيرِه فلا يَقْتَضِي إعْتاقُه إزالةَ ما ليس بمَوْجُودٍ.
وإن تَبَيَّنَ أنَّ العَبْدَ مُسْتَحَق، تَبَيَّنَ بُطْلانُ الصُّلْحِ لفَسادِ العِوَضِ، ورَجَع المُدَّعِي فيما أقَرَّ له به. وإن وَجَد العَبْدَ مَعِيبًا عَيبًا (1) تَنْقُص به المَنْفَعَةُ، فله رَدُّه وفَسْخُ الصُّلْحِ. وإن صالحَ على العَبْدِ عَينه، صَحَّ. والحُكْمُ فيما إذا خَرَج مُسْتَحَقًّا أو مَعِيبًا؛ ذَكَرْنا.
فصل: إذا ادَّعَى زَرْعًا في يَدِ رجل، فأقَرَّ له به، ثم صالحَه على دَراهِمَ، جاز على الوَجْهِ الذي يُجَوِّزُ بَيعَ الزَّرْعَ. وقد ذَكَرْناه في البَيعَ. فإن كان الزَّرْعُ في يَدِ رَجُلَين، فأقَرَّ له أحَدُهما بنِصْفِه، ثم صالحَه عليه قبلَ اشْتِدَادِ حَبه، لم يَجُزْ؛ لأنَّه إن كان الصُّلْحُ مُطْلَقًا أو بشَرْطِ التبقِيَةِ، لم يَجُزْ؛ لأنّه لا يَجُوزُ بَيعُه. وإن شَرَط القَطْعَ، لم يَجُزْ أيضًا؛ لكَوْنِه لا يُمْكِنُه قَطْعُه إلَّا بقَطْعِ زَرْعِ الآخَرِ. ولو كان الزَّرْعُ لواحِدٍ، فأقَرَّ للمُدَّعِي بنصْفِه، ثم صالحَه عنه بنِصْفِ الأرْضِ، ليَصِيرَ الزَّرْعُ كله للمُقِرِّ، والأرْضُ بينَهما نِصْفَين، فإن شَرَط القَطْعَ جاز؛ لأنَّ الزَّرْعَ كله للمُقِرِّ، فجاز شَرْطُ قَطْعِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ؛ لأنَّ في الزَّرْعِ ما ليس
(1) سقط من: الأصل.