الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ وَبِغَيرِهِ، فَلَوْ قَال: بِعْ ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ، فَمَا زَادَ فَلَكَ. صَحَّ. نَصَّ عَلَيهِ.
ــ
الوَجْهَين. فإن لم تَدَّعِ المرأةُ صِحَّةَ ما ذَكَره الوَكِيلُ، فلا شيءَ عليه. ويَحْتَمِلُ أنَّ مَن أسْقَطَ عنه الضَّمانَ، أسْقَطَه في هذه الصُّورَةِ، ومَن أوْجَبَه أوْجَبَه في الصُّورةِ الأُخْرَى، فلا يكون بينَهما اخْتِلافٌ. والله أعلمُ.
2034 - مسألة: (ويجُوزُ التَّوْكِيلُ بجُعْل وبغيرِه، فلو قال: بعْ ثَوْبِي بعَشَرَةٍ فما زاد فَلَك. صَح) [
واسْتَحَقَّ الزِّيادَةَ] (1)(نصَّ عليه) رُوِيَ ذلك عن ابن عباسٍ. وهو قولُ ابنِ سِيرينَ، وإسحاقَ. وكَرِهَه النَّخَعِيُّ، وحَمّادٌ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّه أجْرٌ مَجْهُولٌ يَحْتَمِلُ الوُجُودَ [والعَدَمَ](1). ولَنا أنَّ عَطاءً روَى عن ابن عباس، أنَّه كان لا يَرَى بذلك (2) بَأْسًا، أن يُعْطِيَ الرجلُ الرجلَ الثَّوْبَ أو غيرَه، فيقولُ: بِعْه بكذا، فما ازْدَدْتَ فهو لَكَ. ولا يُعْرَفُ له في عَصْرِه
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُخالِفٌ، فكان إجْماعًا، ولأنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ عليها، أشْبَهَ دَفْعَ مالِه مُضارَبَةً [ولأنَّه تَصَرُّفٌ لغيرِه لا يَلْزَمُه، فهو كرَدِّ الآبِقِ](1). إذا ثَبَت ذلك، فإذا باعَه بزِيادَةٍ، فهي له؛ لأنَّه جَعَلَها له، وإن باعَه بما عَيَّنَهَ، فلا شيءَ له؛ لأنَّه جَعَل له الزِّيادَةَ، ولا زِيادَةَ، فهو كالمُضارِبِ إذا لم يَرْبَحْ. وإن باعَه بنَقْصٍ، فعنه، لا يَصِحُّ؛ لمُخالفَتِه، فإن تَعَذَّرَ، ضَمِن النَّقْصٍ. وعنه، يَصِحُّ، ويَضْمَنُ النَّقْصَ. وقد ذَكَرْنا ذلك. وإن باعَه نَسِيئَةً، لم يَصِحَّ، ولا يَسْتَحِقُّ الوَكِيلُ شيئًا (2) وإن باعَه بزيادةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ. ويَجُوزُ بغيرِ جُعْلٍ. بغيرِ خِلافٍ. فإذا وَكَّلَه بجُعْلٍ، فباع، اسْتَحَقَّ الجُعْلَ قبلَ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لتَحَقُّقِ البَيعِ قبلَ قَبْضِه. فإن قال في التَّوْكِيلِ: فإذا سَلَّمْتَ إليَّ الثَّمَنَ فلك كذا. وَقَف اسْتِحْقاقُه على التَّسْلِيمِ إليه؛ لاشْتِراطِه إيّاه. نَصَّ عليه.
فصل: إذا وَكَّلَه في شِراءِ شيءٍ فاشْتَرَى غيرَه، مثلَ أن يُوَكِّلَه في شِراءِ عَبْدٍ فيَشْتَرِىَ جارِيَةً، فإن كان الشِّراءُ بعَينِ مالِ المُوَكِّلِ، فالبَيعُ (3) باطِلٌ في أصَحِّ الرِّوايَتَين. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ. وعن أحمدَ، أنَّه
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «الشراء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَحِيحٌ (1)، ويَقِفُ على إجازَةِ المالِكِ، فإن أجازَه، صَحَّ، وإلَّا بَطَل. وهو قولُ مالِكٍ، وإسحاقَ. وقد ذَكَرْناه في كِتابِ البَيعِ. فإن كان اشْتَراه في ذِمَّتِه ثم نَقَد الثَّمَنَ، فالشِّراءُ صَحِيحٌ؛ لأنَّه إنَّما اشْتَرَى بثَمَنٍ في ذِمَّتِه، وليس ذلك مِلْكًا لغيرِه. وقال أصحابُ الشافعيِّ: لا يَصِحُّ، في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه عَقَد على أنَّه للمُوَكِّلِ ولم يَأْذَنْ فيه، فلم يَصِحَّ، كما لو اشْتَرَى بعَيْنِ مالِه. ولَنا، أنَّه لم يتَصَرَّفْ في مِلْكِ غيرِه، فصَحَّ، كما لو لم يَنْوه لغيرِه. إذا ثَبَت هذا فرُوِيَ عن أحمدَ روايَتان؛ إحْداهُما، الشِّراءُ لازِمٌ للمُشْتَرِي. وهو الوَجْهُ الثانِي لأصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّه اشْتَرَى في ذِمَّتِه بغيرِ [إذْنِ غيرِه](2)، فكان الشِّراءُ له، كما لو لم يَنْو غيرَه. والثانيةُ، يَقِفُ على إجازَةِ المُوَكِّلِ (3)، إن أجازَه، لَزِمَه، وإن لم يُجِزْه، لَزِم الوَكِيلَ؛ لأنَّه لا يَجُوزُ أن يَلْزَمَ المُوَكِّلَ؛ لكَوْنِه لم يَأْذَنْ في شِرائِه، ولَزِم الوَكِيلَ؛ لأنَّ الشِّراءَ صَدَر منه ولم يَثْبُتْ لغيرِه، فثَبَتَ في حَقِّه، كما لو اشْتَراه لنَفْسِه. وهكذا ذَكَر الخِرَقِيُّ. وهذا حُكْمُ كلِّ مَن اشْتَرَى شيئًا في ذِمَّتِه لغيرِه بغيرِ إذْنِه، سَواءٌ كان وَكِيلًا للذي قَصَد الشِّراءَ له أو لم يَكُنْ.
فصل: فإن وَكَّلَه في أن يَتَزَوَّجَ له امرأةً، فتَزَوَّجَ له غيرَها، أو تَزَوَّجَ له بغيرِ إذْنِه، فالعَقْدُ فاسِدٌ بكلِّ حالٍ، في إحْدَى الرِّوايَتَين. وهو مَذْهَبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشافعيِّ؛ لأنَّ مِن شَرْطِ صِحّةِ النِّكاحِ (1) ذِكْرَ الزَّوْجِ، فإذا كان بغيرِ إذْنِه، لم يَقَعْ له ولا للوَكِيلِ؛ لأنَّ المَقْصُودَ أعْيانُ الزَّوْجَين، بخِلافِ البَيعِ، فإنَّه يَجُوزُ أن يَشْتَرِيَ له مِن غيرِ تَسْمِيَةِ المُشْتَرِي له. والثانيةُ، يَصِحُّ النِّكاحُ، ويَقِفُ على إجازَةِ المُتَزَوِّجِ، فإن أجازَه، صَحَّ، وإلَّا بَطَل. وهذا مَذْهَبُ أبي حنيفةَ. والقولُ فيه كالقولِ في البَيعِ. على ما تَقَدَّمَ.
فصل: قال القاضي: إذا قال لرجلٍ: اشْتَرِ لي بدَينِي عليك طَعامًا. لم يَصِحَّ. ولو قال: أسْلِفْ لي ألْفًا مِن مالِك (2) في كُرِّ طَعامٍ. ففَعل، لم يَصِحَّ أيضًا؛ لأنَّه لا يَجُوزُ أن يَشْتَريَ الإِنْسانُ بمالِه ما يَمْلِكُه غيرُه. وإن قال: اشْتَرِ لي في ذِمَّتِك. أو قال: أسْلِفْ لي ألْفًا في كُرِّ طَعامٍ، واقْضِ الثَّمَنَ عَنِّي مِن مالِك. أو: مِن الدَّينِ الذي عليك. صَحَّ؛ لأنَّه إذا اشْتَرَى في الذِّمَّةِ، حَصَل الشِّراءُ للمُوَكِّلِ، والثَّمَنُ عليه، فإذا قَضاه مِن الدَّينِ الذي عليه، فقد دَفَع الدَّينَ إلى مَن أمَرَه صاحِبُ الدَّينِ بدَفْعِه إليه، وإن قَضاه مِن مالِه عن دَينِ السَّلَفِ الذي عليه، صار قَرْضًا عليه.
فصل: قال أحمدُ، في رِوايَةِ أبي الحارِثِ، في رجلٍ له على آخَرَ دَراهِمُ، فبَعَثَ إليه رسولًا يَقْبِضُها، فبَعَثَ إليه مع الرسولِ دِينارًا، فضاع مع الرسولِ: فهو مِن مالِ الباعِثِ؛ لأنَّه لم يَأْمُرْه بمُصارَفَتِه، إنَّما كان
(1) في م: «عقد النكاح» .
(2)
في م: «ملكك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن ضَمانِ الباعِثِ؛ لأنَّه دَفَع إلى الرسولِ غيرَ ما أمَرَه به المُرسِلُ؛ لأنَّ المُرْسِلَ إنَّما أمَرَه بقَبْضِ الدَّراهِمِ، ولم يَدْفَعْها، إنَّما دَفع دِينارًا (1) عِوَضًا عنها (2)، وهذا صَرْفٌ يَفْتَقِرُ إلى إذْنِ صاحِبِ الدَّينِ [ولم يَأْذَن، فصار الرسولُ وَكِيلًا للباعِثِ في تَأْدِيَتِه إلى صاحِبِ الدَّينِ](3) ومُصارَفَتِه به، فإذا تَلِف في يَدِ وَكِيلِه، كان مِن ضَمانِه، اللَّهُمَّ إلَّا أن يُخْبِرَ الرسولُ الغَرِيمَ أنَّ رَبَّ الدَّينِ أذِنَ له في قَبْضِ الدِّينارِ عن الدَّراهِمِ، فيكونُ مِن ضَمانِ الرسول؛ لأنَّه غرَّه وأخَذَ الدِّينارَ على أنَّه وَكِيلٌ للمُرْسِلِ. وإن قَبَض الدَّراهِمَ التي أُمِر بقَبْضِها، فضاعَتْ مِن الرسولِ بغيرِ تَفرِيطٍ، فهي مِن ضَمانِ صاحِبِ الدَّينِ. وقال أحمدُ في رِوَايَةِ مُهَنّا، في رجلٍ له عندَ آخَرَ دَنانِيرُ وثِيابٌ، فبَعَثَ إليه رسولًا، وقال: خُذْ دينَارًا و (4) ثَوْبًا. فأخَذَ دِينارَين وثَوْبَين، فضاعَتْ، فالضّمانُ على الباعِثَ. يَعْنِي الذي أعْطاه الدِّينارَين والثَّوْبَين. ويَرْجِعُ به على الرسولِ. يَعْنِي عليه ضَمانُ الدِّينارِ والثَّوْبِ الزّائِدَين، إنَّما جَعَل عليه الضَّمانَ؛ لأنَّه دَفَعَهما إلى مَن لم يُؤْمَرْ بدَفْعِهما إليه، ورَجَع بهما على الرسولِ؛ لأنَّه غَرَّه، وحَصَلِ التَّلَفُ في يَدِه، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه. وللمُوَكِّلِ تَضْمِينُ الوَكِيلِ؛ لأنَّه تَعَدَّى
(1) في الأصل: «دنانير» .
(2)
في م: «عنه» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في ر 1، م:«أو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بقَبْضِ لم يُؤْمَرْ بقَبْضِه. فإذا ضَمِنَه، لم يَرْجِعْ على أحَدٍ؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَل في يَدِه، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه. وقال أحمدُ، في رجلٍ وَكَّل وَكِيلًا في اقْتِضاءِ دَينِه، وغاب، فأخَذَ الوَكِيلُ به رَهْنًا، فتَلِفَ الرَّهْنُ في يَدِ الوَكِيلِ، فقال: أساء الوَكِيلُ في أخْذِ الرَّهْنِ، ولا ضَمانَ عليه. إنما لم يُضمِّنْه الرَّهْنَ (1)؛ لأنَّه رَهْنٌ فاسِدٌ، والقَبْضُ في العَقْدِ الفاسِدِ كالقَبْضِ في العَقْدِ الصَّحِيحِ، فما كان القَبْضُ في صَحِيحِه مَضْمُونًا، كان مَضْمُونًا في فاسِدِه، وما كان غيرَ مَضْمُونٍ في صَحِيحِه، كان غيرَ مضمونٍ في فاسِدِه. ونَقَل البَغَويُّ عن أحمدَ في رجلٍ أعْطَى آخَرَ دَراهِمَ ليَشْتَرِيَ له بها شاةً فخلَطَها مع دَراهِمِه، فضاعا، فلا شيءَ عليه. وإن ضاع أحَدُهما، أيُّهما ضاع غَرِمَه. قال القاضي: هذا مَحْمُولٌ على أنَّه خَلَطَها بما تَتَمَيَّزُ منه. ويَحْتَمِلُ أنَّه أذِنَ له في خَلْطِها. أمّا إن خَلَطَها بما لا تَتَمَيَّزُ منه بغيرِ إذْنِه، ضَمِنَها، كالوَدِيعَةِ. وإنَّما لَزِمَه الضَّمانُ إذا ضاع أحَدُهما؛ لأنَّه لا يَعْلَمُ أنَّ الضّائِعَ دَراهِمُ المُوَكِّلِ، والأصْلُ بَقاؤُها. ومَعْنَى الضَّمانِ ههُنا، أنَّه يَحْسُبُ الضّائِعَ مِن دَراهِمِ نَفْسِه. فأمّا على المَحْمَلِ (2) الآخَرِ، وهو إذا خَلَطَها بما تَتَمَيَّزُ منه، فإذا ضاعَتْ دَراهِمُ المُوَكِّلِ وَحْدَها، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّها ضاعَتْ مِن غيرِ تَعَدٍّ منه. واللهُ أعلمُ.
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «المحمول» .
فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ عَلَيهِ حَقٌّ لإِنْسَانٍ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّه وَكِيلُ صَاحِبِهِ في قَبْضِهِ، فَصَدَّقَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ إِلَيهِ.
ــ
فصل: قال أحمدُ، في رِوايَةِ مُهَنّا: إذا دَفَعَ إلى رَجُلٍ ثَوْبًا ليَبِيعَه، ففَعَلَ، فوَهَبَ له المُشَتَرِي مِنْدِيلًا، فالمِنْدِيلُ لصاحِبِ الثَّوْبِ. إنَّما قال ذلك لأنَّ هِبَةَ المِنْدِيلِ سَبَبُها البَيعُ (1)، فكان المِنْدِيلُ زِيادَةً في الثَّمَنِ، والزِّيادَةُ في مَجْلِسِ العَقْدِ تَلْحَقُ به.
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(فإن كان عليه حَقٌّ لإِنْسانٍ، فادَّعَى آخَرُ أنَّه وَكِيلُ صاحِبِه في قَبْضِه، فصدَّقَه، لم يَلْزَمْه الدَّفْعُ إليه) إلَّا أن تَقُومَ به بَيِّنَةٌ. وإن لم تَقُمْ به بَيِّنَةٌ، لم يَلْزَمْه الدَّفْعُ إليه وإن صَدَّقَه. وبه قال الشافعيُّ. وسَواءٌ كان الحَقُّ في ذِمَّتِه أو وَدِيعَةً عنده. ؤقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُه وَفاءُ الدَّينِ إن صَدَّقَه. وفي الوَدِيعَةِ رِوايتَان، أشْهَرُهما، لا يَجبُ تَسْلِيمُها؛ لأنَّه أقَرَّ له بحَقِّ الاسْتِيفاءِ، فلَزِمَه إيفاؤُه، كما لو أقَرَّ أنَّه وارِثُه. ولَنا، أنَّه تَسْلِيمٌ لا يُبْرِئُه، فلا يَجِبُ (1) ، كما لو كان الحَقُّ عَينًا، وكما لو أقَرَّ بأنَّ هذا وَصِيُّ الصَّغِيرِ. وفارَقَ الإِقْرارَ بكَوْنِه وارِثَه؛ لأنَّه يتَضَمَّنُ بَراءَتَه، فإنَّه أقَرَّ بأنَّه لا حَقَّ لسِواه.
(1) بعده في م: «عليه» .