الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ إِلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ جَنَاحًا، وَلَا سَابَاطًا، وَلَا دكَانًا.
ــ
الشَّجَرَةِ دَفْعَ نَباتِها إلى صاحب الأرْضِ، فعليه أجْرُ المِثْلِ؛ لأنه إنَّما تَرَكَه في أرْضِه لهذا، فلَمّا لم يُسَلِّمْ له، رَجَع بأجْرِ المِثْلِ، كما لو بَذَلَها بعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ له، وكذلك الحكْم (1) في مَن مال حائِطُه إلى هَواءِ مِلْكِ غيرِه، أو زَلَقَ (2) مِن أخْشابِه إلى مِلْكِ غيرِه، فالحُكْمُ فيه على ما ذَكَرْنا.
1889 - مسألة: (ولا يجوزُ أن يَشْرَعَ إلى طَرِيقٍ نافِذٍ جَناحًا، ولا ساباطًا
(3)، ولا دُكّانًا) الجَناحُ هو الرَّوْشَنُ (4) يكون على أطْرافِ خَشَبَةٍ مَدْفُونةٍ في الحائِطِ، وأطْرافُها خارِجَة إلى الطَّريقِ، لا يَحوزُ إخْراجه، سَواءٌ كان يَضُرُّ بالمارَّةِ في العادَةِ أو لا يَضُرُّ. ولا يَجُوزُ أن يَجْعَلَ عليها ساباطًا بطَرِيقِ الأوْلَى، وهو المُسْتَوْفِي لهَواءِ الطَّرِيقِ كلِّه على جِدارَين، سَواءٌ كان الجِدارانِ مِلْكَه أو لم يَكُونا، أذِنَ الإمامُ في ذلك أو لم يَأذَنْ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إن لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ، جاز بإذْنِ الامامِ؛ [لأنه نائِئهمْ](5)،
(1) سقط من: م.
(2)
زلق: ابتعد وانتحى.
(3)
الساباط: سقيفة بين حائطين تحتها ممر نافذ.
(4)
الروشن: الشرفة.
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فجَرَى إذنه مَجْرَى إذْنِ المُشْتَرِكِينْ في الدَّرْبِ الذي ليس بنافِذٍ. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ مِن ذلك ما لا ضَرَرَ فيه، وإن عارَضَه رجلٌ مِن المسلمين وَجَب قَلْعُه. وقال مالِكٌ، والأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ: يَجُوزُ إذا لم يَضُرَّ بالمارَّةِ، ولا يَمْلِكُ أحد مَنْعَه؛ لأنَّه ارْتَفَقَ بما لم يَتَعَيَّنْ مِلْكُ أحَدٍ فيه مِن غيرِ مَضَرَّةٍ، فأشْبَهَ المَشْيَ في الطَّرِيقِ والجُلُوسَ فيها. واخْتَلَفوا في الذي لا يَضُرُّ ما هو؟ فقال بعضُهم: إن كان في شارعٍ تَمُرُّ فيه الجُيُوشُ [والأحْمالُ](1)، فيكونُ بحيثُ إذا سار فيه الفارِسُ ورُمْحُه مَنْصُوبٌ لا يبلُغُه. وقال أكثَرُهم: لا يُقَدَّرُ بذلك، بل
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون بحيثُ لا يَضُرُّ بالعَمّارِيّاتِ (1) والمَحامِلِ. ولَنا، أنه بَنَى في مِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، فلم يَجُزْ، كبِناءِ الدَّكَّةِ (2)، أو بِناءِ ذلك في دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ بغيرِ إذْنِ أهْلِه. ويُفارِقُ المُرُورَ في الطَّريقِ؛ فإثَّها جُعِلَتْ لذلك، ولا مَضَرةَ فيه، والجُلُوسُ لا يَدُومُ، ولا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، ولا نُسَلِّمُ أنَّه لا مَضَرَّةَ فيه، فإنَّه يُظْلِمُ الطَّرِيقَ، ورُبَّما سَقَط على المارَّةِ، أو سَقَط منه شيءٌ، وقد تَعْلُو الأرْضُ بمُرُورِ الزَّمانِ، فيَصْدِمُ رُءُوسَ النّاسِ، ويَمْنَعُ مُرُورَ الدَّوابِّ بالأحْمالِ، ويَقْطَعُ الطَّرِيقَ إلَّا على الماشِي، وقد رَأينا مثلَ هذا كثيرًا، وما يُفْضِي إلى الضَّرَرِ في ثانِي الحالِ، يَجِبُ المَنْعُ منه
(1) العمارية: هودج يحمل على الدابة. انظر معجم Dozy.
(2)
الدكة: بناء يسطح أعلاه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في ابْتِدائِه، كما لو أراد بِناءَ حائِطٍ مائل إلى الطَّريقِ يُخْشَى وُقُوعُه على مَن يَمُرُّ فيها. ولَنا على أبي حنيفةَ، أنَّه بَنَى في حَق مُشْتَرَكٍ، لو مَنَع منه بعضُ أهْلِه لم يَجُزْ، فلم يَجُزْ بغيرِ إذْنِهم، كما لو أخْرَجَه إلى هَواءِ دارٍ مُشْتَرَكةٍ، وذلك لأنَّ حَقَّ الآدمِيِّ لا يجوزُ لغيرِه التَّصَرُّفُ فيه بغيرِ إذْنِه، وإن كان ساكِنًا، كما لا يَجُوزُ إذا مَنَع. فأما الدُّكّانُ، فلا يجوزُ بِناوه في الطَرِّيقِ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه، سَواء كان الطرَّيقُ واسِعًا أو لا، وسَواءٌ أذنَ فيه الإِمامُ أو لم يَأذَنْ؛ لأنَّه بِناءٌ في مِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، ولأنَّه يُؤذِي المارَّةَ ويُضَيقُ عليهم، ويَعْثُرُ به العاثِرُ، أشْبَهَ ما لو كان الطرَّيقُ ضَيِّقًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَجُوزُ إخْراجُ المَيازِيبِ إلى الطَّرِيقِ الأعْظَمِ، ولا إلى دَرْبٍ (1) نافِذٍ إلَّا بإذْنِ أهْلِه. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافعيُّ: يَجُوزُ إخْراجُه إلى الطرَّيقِ الأعْظَمِ؛ لأنَّ عُمَرَ اجْتازَ على دارِ العباسِ وقد نَصب مِيزابًا إلى الطرَّيقِ، فقَلَعَه، فقال العباسُ: تَقْلَعُه وقد نَصَبَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بيَدِه. فقال: واللهِ لا نَصَبْتَه إلَّا على ظَهْرِي. وانْحَنَى حتى صَعِد على ظَهْرِه، فنَصَبَه (2). وما فَعَلَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلغيرِه فِعْلُه، ما لم يَقُمْ دَلِيلٌ على اخْتِصاصِه به، ولأنَّ الحاجةَ تَدْعُو إلى ذلك، ولا يُمْكِنُه رَدُّ مائِه
(1) بعده في م: «غير» .
(2)
أخرجه البيهقي، في: باب نصب الميزاب وإشراع الجناح، من كتاب الصلح. السنن الكبرى 6/ 66. والحاكم، في: باب محاكمة العباس. . . .، من كتاب معرمة الصحابة. المستدرك 3/ 331.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى الدّارِ، ولأنَّ النّاسَ يَعْمَلون ذلك في جَمِيعِ بلادِ الإسْلامِ مِن غيرِ نَكِيرٍ. ولَنا، أنَّ هذا تَصَرُّفٌ في هَواءٍ مشْتَرَكٍ بينَه وبينَ غيرِه بغيرِ إذْنِه،