الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لأحَدِهِمَا مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ عِمَارَتِهِ، فَإِذَا عَمَرَهُ، فَالْمَاءُ بَينَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ.
ــ
بِناءً على الحائطِ المُشْتَرَكِ إذا انْهَدَمَ. وحُكِيَ عن أبي حنيفةَ، أنَّه يُجْبَرُ ههُنا على الإِنْفاقِ؛ لأنَّه لا يَتَمَكَّنُ شَرِيكُه مِن مُقاسَمَتِه، فيَتَضَرَّرُ، بخِلافِ الحائطِ، فإنَّه يُمْكِنُهما قِسْمَةُ العَرْصةِ. قال شيخُنا (1): والأوْلَى التَّسْويةُ؛ لأنَّ في قِسْمةِ العَرْصةِ إضْرارًا بهما، والإِنْفاقُ أرْفَقُ بهما، فكانا سَواءً.
1902 - مسألة: (وليس لأحَدِهما مَنْعُ صاحِبِه مِن عِمارَتِه كالحائِطِ، فإن عَمَرَه، فالماءُ بينَهما على الشَّرِكَةِ)
أمّا الدُّولابُ
(1) في: المغني 7/ 49.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والنّاعُورةُ، فالحُكْمُ فيه كالحُكْمِ في الحائِطِ، على ما ذَكَرْناه. وأمّا النَّهْرُ والبئْرُ، فلكلِّ واحِدٍ منهما الإِنْفاقُ عليه، وإذا أنْفَقَ عليه، لم يَكُنْ له مَنْعُ الآخَرِ مِن نَصِيبِه مِن الماءِ؛ لأنَّه يَنْبُعُ مِن مِلْكِهما، وإنَّما أثَّرَ أحَدُهما في نَقْلِ الطِّينِ منه، وليس له فيه عَينُ مالٍ، فأشْبَهَ الحائِطَ إذا بَناه بآلَتِه، والحُكْمُ في الرُّجُوجِ بالنَّفَقةِ، حُكْمُ الرُّجُوعِ في النَّفَقةِ على الحائطِ، على ما مَضَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وليس للرجلِ التَّصرُّفُ في مِلْكِه بما يَضُرُّ [به جارَه](1)، نحوَ أن يَبْنِيَ حَمّامًا بينَ الدُّورٍ، أو يَفْتَحَ خَبّازًا بينَ العَطّارِين، أو يَجْعَلَه دُكّانَ قِصارَةٍ يَهُزُّ الحِيطانَ ويُخرِّبُها، أو يَحْفِرَ بِئْرًا إلى جانِب بِئْرِ جارِه يَجْتَذِبُ ماءَها. وبهذا قال بعضُ الحَنَفِيَّةِ. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى: لا يُمْنَعُ. وبه قال الشافعيُّ، وبعضُ الحَنَفِيَّةِ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ في مِلْكِه المُخْتَصِّ به، ولم يَتَعَلَّقْ به حَقُّ غيرِه، فلم يُمْنَعْ منه، كما لو طَبَخ في دارِه أو خَبَز فيها. وسَلَّمُوا أنَّه يُمْنَعُ مِن الدَّقِّ الذي يَهْدِمُ الحِيطانَ ويَنْثِرُها. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا إضْرَارَ» (2). ولأنَّ هذا إضْرارٌ بجِيرانِه، فمُنِعَ منه، كالذي سَلَّمُوه، وكسَقْي الأرْضِ الذي يَتَعَدَّى إلى هَدْمِ حائِطِ جارِه، أو إشْعالِ نارٍ يتَعَدَّى إلى إحْراقِه. قالُوا: ها هنا تَعَدَّتِ النّارُ التي أضْرَمَها، والماءُ الذي أرْسَلَه، فكان مُرْسِلًا لذلك في مِلْكِ غيرِه، أشْبَهَ ما لو أرْسَلَه إليها قَصْدًا. قُلْنا: والدُّخَانُ (3) هو أجْزاءُ الحَرِيقِ الذي أحْرَقَه، فكان مُرْسِلًا له في مِلْكِ جارِه، فهو كالمارِ والماءِ، وأمّا دُخَانُ الخَبْزِ والطَّبِيخِ، فإنَّ ضَرَرَه يَسِيرٌ، ولا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، وتَدْخُلُه المُسامَحَة.
(1) في م: «بجاره» .
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 368.
(3)
بعده في م: «الذي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كانَ سَطْحُ أحَدِهما أعْلَى مِن سَطْحِ الآخَرِ، فليس لصاحِبِ الأعْلَى الصُّعودُ على سَطْحِه على وَجْهٍ يُشْرِفُ على سَطْحِ جارِه، إلَّا أن يَبْنِيَ سُتْرَة تَسْتُرُه. وقال الشافعيُّ: لا يَلْزَمُه سَتْرُه؛ لأنَّ هذا حاجِزٌ بينَ مِلْكَيهما، فلم يُجْبرْ أحَدُهما عليه، كالأسْفَلِ. ولَنا، أنَّه إضْرارٌ بجارِه، فمُنِعَ منه، كدَقٍّ يَهُزُّ الحِيطانَ، وذلك أنَّه يَكْشِفُ جارَه، ويَطَّلِعُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على حُرَمِه، فأشْبَهَ ما لو اطَّلَعَ إليه (1) من صِيرِ بابِه أو خَصاصِه (2)، وقد دَلَّ على المَنْعِ مِن ذلك قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ إلَيكَ، فحَذَفْتَه بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَينَه، لَمْ يَكُنْ عَلَيكَ جُنَاحٌ» (3). ويُفارِقُ الأسْفَلَ؛ فإنَّ تَصَرُّفَه لا يَضُرُّ بالأعْلَى، ولا يَكْشِفُ دارَه.
(1) في ق، م:«عليه» .
(2)
صير الباب: شقه عند ملتقى الرتاج والعضادة. والخصاص: جمع الخصاصة، وهي الفرجة أو الخلل أو الخزق، في باب أو غيره.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان، وباب من اطلع في بيت قوم. . . .، من كتاب الديات. صحيح البخاري 9/ 8، 9، 13. ومسلم، في: باب تحريم النظر في بيت غيره، من كتاب الآداب. صحيح مسلم 3/ 1699.