الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبِهِ عَلَيهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورةِ، بِأنْ لَا يُمْكِنَهُ التَّسْقِيفُ إلا بِهِ.
ــ
غيرِه وتَصَرُّفٌ فيه بما [يَضرُّ به](1). وكذلك لا يَجُوزُ أن يَغرِزَ فيه وَتِدًا، ولا يُحْدِثَ عليه حائِطًا ولا سترَةً، ولا يَتَصَرَّفَ فيه نَوْعَ تَصَرُّفٍ؛ لأَنه يَضُرُّ بحائِطِ غيرِه، فهو كنَقْضِه. وإن صالحَه عن (2) ذلك بعِوَضٍ، جاز. فأمّا الاسْتِنادُ إليه وإسْنادُ شيءٍ لا يَضُرُّه، فلا بَأسَ به؛ لكَوْنِه لا مَضَرّةَ فيه، ولا يمْكِن التّحَرُّزُ منه، أشْبَهَ الاسْتِظْلال به.
1896 - مسألة: (وليس له وَضْعُ خَشَبِه عليه إلَّا عندَ الضَّرورةِ، بأن لا يُمْكِنَه التّسْقِيفُ إلَّا به)
أمّا وَضْعُ خَشَبِه عليه، فلا يَجُوز إذا كان يَضُرُّ بالحائِطِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لا
(1) في م: «يضره» .
(2)
في م: «على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضَرَرَ ولا ضِرَارَ (1)». وإن كان لا يَضُرُّ به إلَّا أنَّ به عنه غِنًى لإِمْكانِ وَضْعِه على غيرِه، فقال أكثرُ أصْحابِنا: لا يَجُوزُ أيضًا. وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ؛ لأنَّه انْتِفاعٌ بمِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، فلم يَجُزْ، كبِناءِ حائِطٍ عليه. واخْتارَ ابنُ عَقِيل جَوازَه؛ لِما روَى أبو هُرَيرَةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَمْنَع أحَدُكُم جَارَهُ أنْ يَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِهِ» . مُتَّفَق عليه (2). ولأنَّ ما أُبِيحَ للحاجَةِ العامَّةِ لم يُعْتَبَرْ فيه حَقِيقَةُ الحاجَةِ، كالشُّفْعةِ، والفَسْخِ بالخِيارِ أو بالعَيبِ، واتِّخاذِ الكَلْبِ للصَّيدِ، وإباحَةِ السَّلَمِ، ورُخَصِ السَّفَرِ، وغيرِ ذلك. فأمّا إن دَعَتِ
(1) في ر، ق:«إضرار» .
والحديث تقدم تخريجه في 6/ 368.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره، من كتاب المظالم، وفي: باب الشرب من فم السقاء، من كتاب الأشربة. صحيح البخاري 3/ 173، 7/ 145. ومسلم، في: باب غرز الخشب في جدار الجار، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1230.
كما أخرجه أبو داود، في: باب أبواب من القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود 2/ 283. والترمذي، في: باب في الرجل يضع على حائط خشبا، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذي 6/ 105. وابن ماجه، في: باب الرجل يضع خشبة على جدار جاره، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 783. والإمام مالك، في: باب القضاء في المرفق، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 745. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 240، 274.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحاجَةُ إلى وَضْعِه على جدارِ جارِه، أو الحائِطِ المُشْتَرَكِ، بحيث لا يُمْكِنُه التَّسْقِيفُ إلَّا به، فإنَّه يَجُوزُ وَضْعُه بغيرِ إذْنِ الشَّرِيكِ. وهو قولُ الشافعيِّ (1) القَدِيمُ. وقال في الجَدِيدِ: ليس له وَضْعُه. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ (2)؛ لأنَّه انْتِفاعٌ بمِلْكِ غيرِه مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، فلم يَجُزْ، كزِراعَتِه. ولَنا، الخَبَرُ، ولأنَّه انْتِفاعٌ بحائِطِ جارِه على وَجْهٍ لا يَضُرُّ به، أشْبَهَ الاسْتِنادَ إليه والاسْتِظْلال به. ويُفارِقُ الزَّرْعَ، فإنَّه يَضُرُّ، ولم تَدْعُ إليه حاجَةٌ. إذا ثَبَت هذا، فاشْتَرَطَ القاضي وأبو الخَطّابِ للجَوازِ
(1) بعده في م: «في» .
(2)
زيادة من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يكونَ له حائِطٌ واحِدٌ ولجارِه ثَلاثةُ حَوائِطَ. وليس هذا في كلامِ أحمدَ، إنَّما قال، في رِوَاية أبي داودَ: لا يَمْنَعُه إذا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ، وكان الحائِطُ يَبْقَى. ولأنَّه قد يَمْتَنِعُ التَّسْقِيفُ على حائِطَين إذا كانا غيرَ مُتَقابِلَين، أو كان البيتُ واسعًا يَحْتاجُ إلى (1) أن يَجْعَلَ فيه (2) جِسْرًا ثم يَضَعَ الخَشَبَ على ذلك الجِسْرِ. قال شيخُنا (3): والأَولَى اعْتِبارُه بما ذَكَرْنا مِن امْتِناعِ التَّسْقِيفِ بدُونِه. ولا فَرْقَ فيما ذَكَرْنا بينَ البالِغِ واليَتِيمِ، والعاقِلِ والمَجْنُونِ؛ لِما ذَكَرْنا.
(1) سقط من: الأصل، ر 1.
(2)
في م: «عليه» .
(3)
في: المغني 7/ 36.