الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا طَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ أَوْ طَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
وتَوَقَّفَ عن تَعْيِينِ الوَقْتِ، ولَعَلَّه أرادَ وَقْتًا مُتَّسِعًا، أو وَقْتَ شئٍ يَحْدُثُ، مثلَ وَقْتِ الحَصادِ، ونحوه. فأمّا إن قال: وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. أو نحوَ ذلك، صَحَّ. فإن قال: إلى الغَدِ. أو: إلى شَهْرِ كذا. تَعَلَّقَ بأوَّلِه، على ما ذَكَرْنا في السَّلَمِ. فإن تَكَفَّلَ برجلٍ إلى أجَلٍ، إن جاء به فيه، وإلَّا لَزِمَه ما عليه، صَحَّ. وبه قال أبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ، والشافعيُّ: لا تَصِحُّ الكَفالَةُ، ولا يَلْزَمُه ما عليه؛ لأنَّ هذا تَعْلِيقُ الضَّمانِ بخَطَرٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو عَلَّقَه بقُدُومِ زَيْدٍ. ولَنا، أنَّ هذا مُوجِبُ الكَفالةِ ومُقْتَضاها، فصَحَّ اشْتِراطُه، كما لو قال: إن جِئْتُ به في وَقْتِ كذا، وإلَّا فلك حَبْسِي. ومَبْنَى (1) الخِلافِ ههنا على الخِلافِ في أنَّ هذا مُقْتَضَى الكَفالَةِ، وقد دَلَّلْنا عليه.
1853 - مسألة: (وإذا طالَبَ الكَفِيلُ المَكْفُولَ به بالحُضُورِ معه، لَزِمَه ذلك إن كانتِ الكَفالَةُ بإذْنِه أو طالَبه صاحِبُ الحَقِّ بإحْضارِه، وإلَّا فلا)
إذا كَفَل رجلًا بإذْنِه، فأرادَ إحْضارَه؛ ليُسَلِّمَه إلى المَكْفُولِ له، لَزِمَه الحُضُورُ معه؛ لأنَّه شَغَل ذِمَّتَه مِن أجْلِه بإذْنِه، فلَزِمَه تَخْلِيصُها،
(1) بعده في م: «وهذا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما لو اسْتَعارَ عَبْدَه فرَهَنَه بإذْنِه، فإنَّ عليه تَخْلِيصَه إذا طَلَبَه سَيِّدُه. وإن كانت بغيرِ إذْنِه، فإن طَلَبَه المَكْفُولُ له لَزِمَه الحُضُورُ؛ لأنَّ حُضُورَه حَقُّ للمَكْفُولِ له، وقد اسْتَنابَ الكَفِيلَ في ذلك. وإن لم يَطْلُبْه المَكْفُولُ له، لِم يَلْزَمْه الحُضُورُ؛ لأنَّه لم يَشْغَلْ ذِمَّتَهَ، وإنَّما الكَفِيلُ شَغَلَها باخْتِيارِ نفْسِه، فلم يَجُزْ أن يَثْبُتَ له بذلك حَقٌّ على غيرِه. وإن قال له المَكْفُولُ له: أحْضِرْ كَفِيلَكَ. كان تَوْكِيلًا في إحْضارِه، ولَزِمَه أن يَحْضُرَ معه، كما لو وَكَّلَ غيرَه. وإن قال: اخْرُجْ مِن كَفالتِكَ. احْتَمَلَ أن يَكُونَ تَوْكِيلًا في إحْضارِه، كاللَّفْظِ الأوَّلِ، واحْتَمَلَ أن يَكُونَ مُطالبَةً بالدَّينِ الذي عليه، فلا يَكُونُ تَوْكِيلًا، ولا يَلْزَمُه الحُضُورُ معه.
فصل: وإذا قال رجلٌ لآخَرَ: اضْمَنْ عن فُلانٍ. أو: اكْفُلْ بفُلانٍ. ففَعَل، كان الضَّمانُ والكَفالةُ لازِمَين للمُبَاشِرِ دُونَ الآمِرِ؛ لأنَّه كَفَل باخْتِيارِ نَفْسِه، وإنَّما الأمْرُ إرْشادٌ وحَثٌّ على فِعْلِ خَيرٍ، فلا يَلْزَمُه به شيءٌ.
فصل: ولو قال: أعْطِ فُلانًا ألْفًا. ففَعَلَ، لم يَرْجِعْ على الآمِرِ، ولم
وَإِذَا كَفَلَ اثْنَانِ بِرَجُلٍ، فَسَلَّمَهُ أحَدُهُمَا، لَمْ يَبْرَأَ الْآخَرُ.
ــ
يَكُنْ ذلك كَفالةً ولا ضَمانًا، إلَّا أن يَقُولَ: أعْطِه عَنِّي. وقال أبو حنيفةَ: يَرْجِعُ عليه إذا كان خَلِيطًا له. ولَنا، أنَّه لم يَقُلْ: أعْطِه عَنِّي. فلم يَلْزَمْه الضَّمانُ، كما لو لم يَكُنْ خَلِيطًا. ولا يَلْزَمُ إذا كان له عليه مالٌ، فقال: أعْطِه فلانًا. حيثُ يَلْزَمُه؛ لأنَّه لم يَلْزَمْه لأجْلِ هذا القولِ، بل لأنَّ عليه حَقًّا يَلْزَمُه أداؤُه.
فصل: ولو تَكَفَّلَ اثْنانِ بواحِدٍ، صَحَّ، وأيُّهُم قَضَى الدَّينَ، بَرِئ الآخَرُ؛ لِما ذَكَرْنا في الضَّمانِ. وإن سَلَّمَ المَكْفُولُ به نَفْسَه، بَرِئ كَفِيلاه. وإن أحْضَرَهَ أحَدُ الكَفِيلَينِ، لم يَبْرَأ الآخَرُ؛ لأنَّ إحْدَى الوَثِيقَتَين انْحَلَّتْ مِن غيرِ اسْتِيفاءٍ، فلم تَنْحَلَّ الأُخْرَى، كما لو أبْرَأ أحَدَهما، أو انْفَكَّ أحَدُ الرَّهْنَينِ مِن غيرِ قَضاءِ الحَقِّ، بخِلافِ ما إذا سَلَّمَ المَكْفُولُ به نَفسه؛ لأنه أصْلٌ لهما، فإذا بَرِئ الأصْلُ ممّا تَكَفَّلَ به عنه، بَرِئ كَفِيلاه؛ لأنَّهما فَرْعاه، وكلُّ واحدٍ مِن الكَفِلَينِ ليس بفَرْعٍ للآخَرِ، فلم يَبْرَأْ ببراءَتِه. وكذلك لو أَبْرَأَ المَكْفُولَ به، بَرِئ كَفِيلاه. ولو أُبْرِئ أحَدُ الكَفِيلَين وَحْدَه لم يَبْرَأ الآخَرُ.