الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أقَرَّ بِحَدٍّ، أوْ قِصَاصٍ، أوْ نَسَبٍ، أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، أُخِذَ بِهِ.
ــ
بِناءً على قَوْلِنا بصحَّةِ عِتْقِه. وإن نَذَر عِبادَةً بدَنِيَّةً، لَزِمَه فِعْلُها؛ لأنَّه غيرُ مَحْجُورٍ عليه في بَدَنِه (1)، وإن نَذَر الصَّدَقَةَ بمالٍ، لم يَصِحَّ منه، وكَفَّرَ بالصِّيامِ. فإن فُكَّ الحَجْرُ عنه قبلَ تَكْفِيرِه في هذه المواضِعِ، لَزِمَه العِتْقُ، إن قَدَر عليه. ومُقْتَضَى قول أصْحابِنا أنَّه يَلْزَمُه الوَفاءُ بنَذْرِه، بناءً على قَوْلِهم في مَن أقرَّ قبلَ فَكِّ الحَجْرِ عنه ثم فُكَّ (2) عنه، أنَّه يَلْزَمُه أدَاؤُه، وإن فُكَّ بعدَ تَكْفِيرِه، لم يَلْزَمْه شيءٌ، كما لو كَفَّرَ عن يَمينِه بالصيامِ ثم فُكَّ الحَجْرُ عنه.
1963 - مسألة: (وإن أقَرَّ بحَدٍّ، أو قِصَاصٍ، أو نَسَبٍ، أو طَلَّقَ زَوْجَتَه، أُخِذ به)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ المَحْجُورَ عليه لسفَهٍ أو فَلَسٍ، إذا أقرَّ بما يُوجبُ حَدًّا أو قِصاصًا؛ كالزِّنَى، والسَّرِقَةِ، والقَذْفِ، والقَتْلِ، والشُّرْبِ، أو قَطْعِ اليَدِ، وما أشْبَهَهما، فإنَّه يَصِحُّ إقْرارُه، ويَلْزَمُه حُكْمُ ذلك في الحالِ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العِلْمِ، على أنَّ إقْرارَ المَحْجُورِ عليه
(1) في الأصل: «يده» .
(2)
بعده في م: «الحجر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على نَفْسِه جائِزٌ، إذا كان إقْرارُه بزِنًى، أو سَرِقَةٍ، أو شُرْبِ خَمْرٍ، أو قَذفٍ، أو قَتْلٍ، وأنَّ الحُدُودَ تُقامُ عليه. وهذا قولُ الشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْي، ولا أحْفَظُ عن غيرِهم [خِلافًا لهم](1). وذلك لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ في حَقِّ نَفْسِه، والحَجْرُ إنَّما تَعَلَّقَ بمالِه، فقُبِلَ إقْرارُه على نَفْسِه بِما لا يَتَعَلَّقُ بالمالِ. وإنْ طَلَّقَ زَوْجَتَه نَفَذَ طَلاقُه، في قولِ الأكْثَرِين. وقال ابنُ أبي لَيلَى: لا يَقَعُ؛ لأنَّ البُضْعَ يَجْرِي مَجْرَى المالِ، بدَلِيلِ أنَّه يَمْلِكُه بمالٍ، ويَصِحُّ أن يَزُولَ مِلْكُه عنه بمالٍ، فلم يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فيه، كالمالِ. ولَنا، أنَّ الطَّلاق ليس بتَصَرُّفٍ في المالِ، ولا يَجْرِي مَجْراه، فلا يُمْنَعُ منه، كالإِقْرارِ منه بالحَدِّ والقِصاصِ. ودَلِيلُ أنَّه لا يَجْرِي مَجْرَى المال، أنَّه يَصِحُّ مِن العَبْدِ بغَيرِ إذْنِ سَيِّدِه مع مَنْعِه مِن التَّصَرُّفِ في المالِ، ولأنَّه مُكَلَّفٌ طَلَّقَ امْرَأتَه مُخْتارًا، فوَقَعَ طَلاقُه، كالعَبْدِ والمكاتَبِ.
فصل: وإن أقَرَّ بما يُوجِبُ القِصاصَ، فعَفا المُقَرُّ له على مالٍ، احْتَمَلَ أن يَجِبَ المالُ؛ لأنَّه عَفْوٌ عن قِصاصٍ ثابِتٍ، فصَحَّ، كما لو ثَبَت بالبَيِّنَةِ. واحْتَمَلَ أن لا يَصِحَّ؛ لئَلَّا يُتَّخَذَ ذلك وَسِيلَةً إلى الإِقْرَارِ بالمالِ، بأن يَتَواطَأَ
(1) في م: «خلافهم» .