الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ وَالإِشْهَادُ عَلَيهِ.
ــ
فصل: وتَصَرُّفُه قبلَ حَجْرِ الحاكِمِ في مالِه نافِذٌ، مِن البَيعِ، والهِبَةِ، والإِقْرارِ، وقَضاءِ بعضِ الغُرَماءِ، وغيرِ ذلك. وبه قال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافعيُّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، لأنَّه رَشِيدٌ غيرُ مَحْجُورٍ عليه، فنَفَذَ تَصَرُّفُه، كغَيرِه، ولأنَّ سَبَبَ المَنْعِ الحَجْرُ، فلا يَتَقَدَّمُ سَبَبَه، ولأنَّه مِن أهْلِ التَّصَرُّفِ ولم يُحْجَرْ عليه، أشْبَهَ المَلِئَ. وإن أَكْرَى جَمَلًا بعَينِه، أو دارًا لم تَنْفَسِخْ إجارَتُه بالفَلَسِ، وكان المُكْتَرِي أحَقَّ به حتى تَنْقَضِيَ مُدَّته.
1911 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ)
إظْهارُ الحَجْرِ عليه (والإشْهادُ عليه) لتُجْتَنَبَ مُعامَلَته، لِئَلَّا يَسْتَضِرَّ النّاسُ بضَياعِ أمْوالِهم. ويُشْهَدُ عليه؛ ليَنْتَشِرَ ذلك، ورُبَّما عُزِل الحاكِمُ أو مات، فيَثْبُتُ الحَجْرُ عندَ الآخَرِ، فلا يَحْتَاجُ إلى ابْتِداءِ حَجْرٍ ثانٍ.
فَصْل: وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَجْرِ عَلَيهِ أرْبَعَةُ أَحْكَامٍ، أَحَدُهَا، تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ، فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيهِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، إلا الْعِتْقَ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ.
ــ
فصل: قال الشَّيخُ، رضي الله عنه:(ويَتَعَلَّقُ بالحَجْرِ عليه أرْبَعَةُ أحْكامٍ؛ أحَدُها، تَعَلُّقُ حَقِّ الغُرَماءِ بمالِه، فلا يَصِحُّ تَصَرُّفُه فيه، ولا يُقْبَلُ إقْرارُه عليه، إلَّا العِتْقَ على إحْدَى الرِّوايَتَين) متى حُجر على المُفْلِسِ، لم يَنْفُذْ تَصَرُّفُه في شيءٍ مِن مالِه، فإن تَصَرَّفَ فيه ببَيع، أَو هِبَةٍ، أو وَقْفٍ، أو أصْدَقَ امرأةً مالًا له، أو نحو ذلك، لم يَصِحَّ. وبه قال مالِكٌ، والشافعيُّ في قولٍ، وقال في آخَرَ: يَقِفُ تَصَرُّفُه، فإن كان فيما بَقِيَ مِن مالِه وفاءُ الغُرَماءِ نَفَذ (1)، وإلَّا بَطَل. ولَنا، أنَّ حُقُوقَ الغُرَماء تَعَلَّقَتْ بأعْيانِ مالِه، فلم يَصِحَّ تَصَرُّفُه فيها، كالعَينِ المَرْهُونَةِ، ولأنَّه مَحْجُورٌ عليه بحُكْمِ حاكِمٍ، فأشْبَهَ السَّفِيهَ. فإن أقَرَّ بدَينٍ، لم يُقْبَلْ في الحالِ، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه. نَصَّ عليه. وهو قوْلُ مالِكٍ، ومحمدِ بن
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَسَنِ، والثوْرِيِّ، والشافعيِّ في قولٍ، وقال في الآخَرِ: يُشارِكُهم. اخْتارَه ابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّه دَينٌ ثابتٌ مُضافٌ إلى ما قبلَ الحَجْرِ، فشارَكَ صاحِبُه الغُرَماءَ، كما لو ثَبَت ببَيِّنَةٍ. ولَنا، أنَّه مَحْجُورٌ عليه، فلم يَصِحَّ إقْرارُه فيما حُجِر عليه فيه، كالسَّفِيهِ، ولأنَّه إقْرارٌ يُبْطِلُ ثُبُوتُه (1) حَقَّ غيرِ المُقِرِّ، فلم يُقْبَلْ، أو إقْرار على الغُرَماءِ، فلم يُقْبَلْ، كإقْرارِ الرّاهِنِ، ولأنَّه مُتَّهَمٌ في إقْرارِه، وفارَقَ البَيِّنَةَ، فإنَّه لا تُهْمَةَ في حَقِّها. فإن كان
(1) بعده في م: «في غير» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُفْلِسُ صانِعًا، كالقَصَّارِ (1)، والحائِكِ، في يَدِه مَتاعٌ، فأقَرَّ به لأرْبابِه، لم يُقْبَلْ، والقَوْلُ فيها كالتي قبلَها. وتُباعُ العَينُ التي في يَدِه، وتُقْسَمُ بينَ الغُرَماءِ، وتَكُونُ قِيمَتُها واجِبَةً على المُفْلِسِ إذا قَدَر عليها؛ لأنَّها انْصَرَفَتْ في وَفاءِ دَينِه بسَبَبٍ مِن جِهَتِه، فكانت قِيمَتُها عليه، كما لو أذِنَ في ذلك. وإن تَوَجَّهَتْ على المُفْلِسِ يَمِين، فنَكَلَ عنها، فَقُضِيَ عليه، فحُكْمُه حُكْمُ إقْرارِه، يَلْزَمُ في حَقِّه دُونَ الغُرَماءِ. فإن أعْتَقَ بعضَ
(1) القصار: من يدق الثياب ويبيِّضها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَقِيقِه، صَحَّ، في إحْدَى الرِّوايَتَين، ونَفَذ. وهو قولُ أبي يُوسُفَ، وإسحاقَ، لأنَّه عِتْقٌ مِن مالِكٍ رَشِيدٍ، فنَفَذَ، كما قبلَ الحَجْرِ. وفارَقَ سائِرَ التَّصَرُّفاتِ؛ لأنَّ للعِتْقِ تَغْلِيبًا وسِرايَةً، ولهذا يَسْرِي إلى مِلْكِ الغيرِ، بخِلافِ غَيرِه. والأُخْرَى، لا يَنْفُذُ عِتْقُه. وبه قال مالِكٌ، وابنُ أبي لَيلَى، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ. واخْتارَه أبو الخَطّاب في «رُءُوسِ المَسائِلِ» ؛ لأنَّه مَمْنُوعٌ مِن التبرعِ لحَقِّ الغُرَماءِ، فلم يَنْفُذْ عِتْقُه، كالمَرِيضِ الذي يَسْتَغْرِقُ دَينُه ماله. وأمّا سِرايَتُه إلى مِلْكِ الغَيرِ، فمِن شَرْطِه أن يَكُونَ مُوسِرًا، يُوخَذُ منه قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِه، ولا يَتَضَرَّرُ، ولو كان مُعْسِرًا، لم يَنْفُذْ عِتْقُه إلَّا في مِلْكِه، صِيانَةً لحَقِّ الغيرِ وحِفْظًا له عن الضَّياعِ. كذا ها هنا. وهذا أصَحُّ، إن شاء الله تعالى.