الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ الْقَضَاءَ، وَحَلَف، لَمْ يَرْجِعِ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، سَوَاء صَدَّقَهُ، أوْ كَذَّبَهُ.
ــ
المَضْمُونَةِ؛ لأنَّها سَقَطَتْ عن المَضْمُونِ عنه بيَمِينه، فتَسْقُطُ عن ضامِنِه. ولَنا، أنَّه مُقِرٌّ بها وغريمُه يَدَّعِيها، واليَمِينُ إنَّما أسْقَطَتِ المُطالبَةَ عنه في الظّاهِرِ، ولم تُسْقِطْ عنه الحَقَّ الذي في ذِمَّتِه، بدَلِيلِ أنَّه لو قامَتْ عليه بَينة بعدَ يَمِينه، لَزِمَه، ولَزِم الضّامِنَ.
1839 - مسألة: (وإن أنْكَرَ المَضْمُونُ له القَضاءَ، وحَلَف، لم يَرْجِعِ الضّامِنُ على المَضْمُونِ عنه، سواءٌ صَدقَه أو كَذَّبَة)
إذا ادَّعَى الضّامِنُ أنَّه قَضَى الدَّينَ، فأنْكَرَ المَضْمُونُ له، ولا بَينةَ له، فالقولُ قولُ المَضْمُونِ له؛ لأنَّه ادَّعَى تَسْلِيمَ المالِ إلى مَن لم يَأمَنْه، فكان القولُ قولَ المُنْكِرِ، وله مُطالبَةُ الضّامِنِ والأصِيلِ. فإن رَجَع على المَضْمُونِ عنه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهل يَرجِعُ الضّامِنُ بما قَضاه عنه؟ يُنْظَرُ؛ فإن لم يعتَرِفْ له بالقَضاءِ، لم يَرجِع عليه، وإنِ اعتَرَفَ له بالقَضاءِ، وكان قد قَضَى بغيرِ بَينةٍ في غَيبَةِ المَضْمُونِ عنه، لم يَرجع بشيء، سواء صَدَّقَه المَضْمُونُ عنه أو كَذبَه؛ لأنَّه أذِنَ في قَضاءٍ مُبْرِيء ولم يُوجَد، كان قَضاه بِبَينةٍ ثَبَت بها الحَقُّ، لكنْ إن كانت غائِبَةً أو مَيتَةً، فللضّامِنِ الرُّجُوعُ على المَضْمُونِ عنه؛ لأَنه مُعتَرِف أنَّه ما قَصَّرَ وما فَرَّطَ. وإن قَضاه بِبَينةٍ مَردُودَةٍ بأمر ظاهِر، كالكُفْرِ والفِسْقِ الظّاهِرِ، لم يَرجِعِ الضّامِنُ؛ لتَفْرِيطِه؛ لأنَّ هذه البَيِّنةَ كعَدَمِها. وإن رُدَّتْ بأمر خَفِيّ، كالفِسْقِ الباطِنِ، أو كانتِ الشَّهادَةُ مُخْتَلَفًا فيها، مثلَ أن يكونَ (1) أشْهدَ عَبْدَينِ، أو شاهِدًا واحِدًا، فرُدَّتْ لذلك، أو كان مَيتًا أو غائِبًا، احتَمَلَ أن يَرجِعَ؛ لأَنه قَضَى ببَينةٍ شَرعِيَّةٍ، والجرحُ والتَّعدِيلُ ليس له. واحتَمَلَ أن لا يَرجِعَ؛ لأَنه أشْهدَ مَن لا يَثْبُتُ الحَقُّ بشهادَتِه. وإن قَضَى بغيرِ بَيِّنةٍ بحَضْرَةِ المَضْمُونِ عنه، ففيه وَجْهانِ؛
(1) سقط من: ر 1، ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحدُهما، يَرجِعُ. وهو مَذْهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه إذا كان حاضِرًا، كان الاحتِياطُ إليه، فإذا تَرَك التحَفُّظَ كان التَّفْرِيطُ منه دُونَ الضّامِنِ. والثّانِي، لا يَرجِعُ؛ لأنه قَضَى قَضاءً غيرَ مُبْرِئً، فأشْبَه ما لو قَضَى في غَيبَتِه.
فصل: فإن رَجَع المَضْمُونُ له على الضّامنِ، فاسْتَوْفَى منه مَرَّةً ثانِيَة، رَجَع على المَضْمُونِ عنه بما قَضاه ثانِيًا؛ لأنه أبرَأ به ذِمته ظاهِرًا. قال القاضي: ويَحتَمِلُ أن له الرُّجُوعَ بالقَضاءِ الأوَّلِ دُونَ الثّانِي؛ لأنَّ البَراءَةَ حَصَلَتْ به في الباطِنِ. ولأصحاب الشافعيِّ وَجْهان كهذَين، ووَجْهٌ ثالِثٌ، أنّه لا يَرجِعُ بشيءٍ بحال؛ لأن الأوَّلَ ما أبرَأه ظاهِرًا، والثَّانِيَ ما أبرأه باطِنًا. ولنا، أن الضّامِنَ أدَّى عن المَضْمونِ عنه بإذْنِه إذا أبرَأه ظاهِرًا وباطِنًا فرَجَعَ به، كما لو قامَتْ به بَيِّنَةٌ. والوَجهُ الأولُ أرجَحُ؛ لأن القَضاءَ المُبْرِيء في الباطِنِ ما أوْجَبَ الرُّجُوعَ، فيَجِبُ أن يَجِبَ بالثاني (1) المُبْرِيء [في الظّاهِرِ](2).
(1) في م: «بالباقي» .
(2)
في م: «بالظاهر» .