الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتْرُكَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا تَدْعُو إِلَيهِ حَاجَتُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ.
ــ
سُوقِه؛ لأنَّه أحْوَطُ، وأكْثَرُ لطُلابِه، ومَعْرِفَةِ قِيمَتِه. فإن باع في غيرِ سُوقِه بثَمَنِ المِثْلِ، جاز؛ لأنَّ الغَرَضَ تَحْصِيلُ الثَّمَنِ، ورُبَّما أدَّى الاجْتِهادُ إلى أنَّه أصْلِحُ. ولهذا لو قال: بعْ ثَوْبِي بثَمَنِ كذا. في سُوقٍ عَيَّنَهَ، فباعَه بذلك في غيرِه، جازَ. ويَبِيعُ بنَقْدِ البَلَدِ؛ لأنَّه أصْلَحُ. فإن كان في البَلَدِ نُقُودٌ باع بغالِبِها، فإن تَساوَتْ باع بجِنْسِ الدَّينِ. فإن زاد في السِّلْعَةِ أحَدٌ في مُدَّةِ الخِيارِ، لَزِم الأمِينَ الفَسْخُ؛ لأنَّه أمْكَنَه بَيعُه بثَمَنٍ (1)، فلم [يَجُزْ بَيعُه](2) بدُونِه، كما لو زِيد فيه قبلَ العَقْدِ. وإن زاد بعدَ لزومِ العَقْدِ، اسْتُحِبَّ للأمِينِ سُؤالُ المُشْتَرِي الإِقالةَ، واسْتُحِبَّ للمُشْتَرِي الإِجابَةُ؛ لتَعَلُّقِه بمَصْلَحَةِ المُفْلِسِ وقَضاءِ دَينِه.
1920 - مسألة: (ويَتْرُكَ له مِن مالِه ما تَدْعُو إليه حاجَتُه مِن مَسْكَنٍ وخادِمٍ)
لا تُباعُ دارُ المُفْلِسِ التي لا غِنى له (3) عن سُكْناها. وبه قال أبو حَنِيفةَ، وإسحاقُ. والخادِمُ في مَعْنَى الدَّارِ إذا كان مُحْتاجًا
(1) في ر 1: «بثمنه» .
(2)
في م: «بيعه» .
(3)
في الأصل: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إليه. وقال شُرَيحٌ، ومالِكٌ، والشافعيُّ: تُباع، ويُكْتَرَى له بَدَلُها. اخْتارَه ابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في الَّذي أُصِيبَ في ثِمارٍ ابْتاعَها، فكَثُرَ دَينُه، فقال لغُرَمائِه:«خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ» (1). وهذا ممّا وَجَدُوه، ولأنَّه عَينُ مالِ المُفْلِسِ، فوَجَبَ صَرْفُه في دَينِه، كسائِرِ مالِه. ولَنا، أنَّ هذا ممّا لا غِنًى للمُفْلِسِ عنه، فلم يُصْرَفْ في دَينِه، كثِيابِه وقُوتِه، والحَديثُ قَضِيَّةٌ في عَين، يَحْتَمِلُ أنَّه لم يَكُنْ له عَقارٌ ولا خادِمٌ، ويَحْتَمِلُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ» . ممّا تُصُدِّقَ به عليه، والظّاهِرُ أنَّه لم يُتَصَدَّقْ عليه بدارٍ وهو مُحْتاجٌ إلى سُكْناهَا، ولا خادِم وهو مُحْتَاجٌ إلى خِدْمتِه، ولأنَّ الحديثَ مَخْصُوصٌ بثِيابِ المُفْلِسِ وقُوتِه، فنَقِيسُ عليه مَحَلَّ النِّزاعِ، وقِياسُهم مُنْتَقِضٌ بذلك، وبأجْرِ المَسْكَنِ، وسائِرُ مالِه يَسْتَغْنِي عنه، بخِلافِ مَسْألَتِنا. فإن كان له داران يَسْتَغْنِي بإحْداهما، بِيعتِ الأُخْرَى؛ لأنَّ به غِنًى عن سُكْنَاها. وإن كان مَسْكَنُه واسِعًا يَفْضُلُ عن سُكْنَى مِثْلِه، بِيعَ، واشْتُرِيَ له مَسْكَنُ مِثْلِه، ورُدَّ الفَضْلُ (2) على الغُرَماءِ، وكذلك الثِّيابُ التي له، إذا كانت رَفِيعَةً لا يَلْبَسُ مِثْلُه مِثْلَها.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 237.
(2)
في الأصل: «الفاضل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان المَسْكَنُ والخادِمُ الَّذي لا يَسْتَغْنِي عنهما عَينَ مالٍ بعضِ الغُرَماءِ، أو كان جَمِيعُ أمْوالِه (1) أعْيانَ أمْوالٍ أفْلَسَ بأثْمانِها، ووَجَدَها أصْحابُها، فلهم أخْذُها بالشَّرائِطِ المَذْكُورةِ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بعَينِه عَنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ» (2). ولأنَّ حَقَّه تَعَلَّقَ بالعَينِ، فكان أقْوَى سَبَبًا مِن المُفْلِسِ، ولأنَّ الإِعْسارَ بالثَّمَنِ سَبَبٌ يَسْتَحِقُّ به الفَسْخَ، فلم يَمْنَعْ منه تَعَلُّقُ حاجَةِ المُشْتَرِي، كما قبلَ القَبْضِ، وكالعَيبِ، والخِيارِ. ولأنَّ مَنْعَهم مِن أخْذِ أمْوالِهم يَفْتَحُ باب الحِيَلِ، بأن يَشْتَرِيَ مَن لا مال له في ذمّتِه ثِيابًا يَلْبَسُها، ودارًا يَسْكُنُها، وخادِمًا يَخْدِمُه، وفَرَسًا يَرْكَبُها، وطعامًا له ولعائِلَتِه، ويَمْتَنِعُ على أرْبابِها أخْذُها؛ لتَعَلُّقِ حاجَتِه بها، فتَضِيعُ أمْوالُهم ويَسْتَغْني هو بها. فعلى هذا، يُؤخَذُ ذلك، ولا يُتْرَكُ له منه شيءٌ؛ لأنَّه أعْيانُ أمْوالِ النَّاسِ فكانُوا أحَقَّ بها منه، كما لو كانت في أيَدِيهم، أو أخَذَها منهم غَصْبًا.
(1) في م: «ماله» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 255.