الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ فِي الْكَفَالة: وَهِيَ الْتِزَامُ إِحضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ. وَتَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيهِ دَينٌ، وَبِالأعيَانِ الْمَضْمُونَةِ.
ــ
فصل: قال الشَّيخُ، رضي الله عنه:(الكَفالةُ؛ الْتِزامُ إحضارِ المَكْفُولِ به) وجملةُ ذلك، أنَّ الكَفالةَ بالنَّفْسِ صَحِيحَة في قولِ أكثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم شُرَيح، ومالك، والثوْرِيُّ، والليثُ، وأبو حنيفةَ. وقال الشافعيُّ في بعضِ أقْوالِه: الكَفالةُ بالبَدَنِ ضَعِيفة. واخْتَلَفَ أصحابُه؛ فمِنْهُم مَن قال: هي صَحِيحَة قولًا واحِدًا وإنما أرادَ أنَّها ضَعِيفَة في القِياسِ، وإن كانت ثابِتَة بالإجْماعِ والأثَرِ. ومنهم مَن قال: فيها قَوْلان؛ أحدُهما، أنَّها غيرُ صَحِيحَة؛ لأنّها كَفالة بعَين، فلم تَصِحَّ، كالكَفالةِ بالوَجْهِ وبَدَنِ الشّاهِدَينِ. ولَنا، قَوْلُه تعالى:{قَال لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (1). ولأنَّ ما وَجَب تَسْلِيمُه بعَقْدٍ، وَجَب تَسْلِيمُه بعَقْدِ الكَفالةِ، كالمالِ.
1844 - مسألة: (وتَصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه دَين، وبالأعيانِ المَضْمُونةِ)
تَصِحُّ الكَفالةُ ببَدَنِ كلِّ مَن يَلْزَمُه الحُضُورُ في مَجْلِسِ الحُكْمِ
(1) سورة يوسف 66.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بدَينٍ لازِم، سواءٌ كان معلُومًا أو مَجْهُولًا. وقال بعضُ الشّافعِيَّةِ: لا تَصِحُّ مِمَّن عليه دَين مَجهول؛ لأنه قد يَتَعَذَّرُ إحضارُ المَكْفُولِ فيَلْزَمَه الدَّينُ، ولا يمكِنُه طلبه منه؛ لجَهْلِه. ولَنا، أنَّ الكَفالةَ بالبَدَنِ لا بالدَّينِ، والبَدَنُ معلُوم، فلا تَبطُلُ الكفالةُ لِاحتمالٍ عارِض، ولأنا قد بينا أنَّ ضَمانَ (1) المَجْهولِ يَصِحُّ، وهو الْتِزام المالِ ابْتِداءً، فالكَفالةُ التي لا تَتَعَلَّقُ بالمالِ ابْتِداءً أوْلَى. وتَصِحُّ الكَفالةُ بالصَّبِيِّ والمَجْنونِ؛ لأنهما (2) قد يَجِب إحضارهما مَجْلِسَ الحاكِمِ للشَّهادَةِ عليهما بالإتْلافِ، وإذْنُ وَلِيِّهِما يَقُوم مَقامَ إذْنِهِما. وتَصِحُّ بِبَدَنِ (3) المَحبوسِ والغائِبِ. وقال أبو حنيفةَ: لا تَصِحُّ. ولَنا، أن كلَّ وَثِيقةٍ صَحّتْ بع الحضورِ، صَحَّت مع الغيبَةِ والحَبْسِ، كالرهْنِ والضمانِ، ولأن الحَبْسَ لا يمنَع مِن التسْلِيمِ؛ لكَوْنِ المَحبوسِ يمكِنُ تَسْلِيمُه بأمرِ الحاكِمِ، أو أمرِ مَن حَبَسَه، ثم يعِيده إلى الحَبْسِ بالحَقينِ جَمِيعًا، والغائِب يَمضِي إليه
(1) في م: «الضمان» .
(2)
في م: «لأنه» .
(3)
في الأصل: «بدين» .