الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ فِي كُلِّ حَقٍّ لِلّهِ تَعَالى تَدْخُلُهُ النِّيابَةُ، مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْحُدُودِ، فِي إِثبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا.
ــ
1991 - مسألة: (ويَجُوزُ في كلِّ حق للهِ تعالى تَدْخُلُه النِّيابَةُ، مِن العِباداتِ والحُدُودِ، في إثْباتِها واسْتِيفائِها)
كحَدِّ الزِّنى والسَّرِقَةِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «اغْدُ يَا أُنَيسُ إلَى امْرَأةِ هَذَا، فَإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . فغدا عليها أُنيسٌ، فاعْتَرفَتْ، فأمَرَ بها فرُجمَتْ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وأمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برَجْمِ ماعِزٍ، فَرَجَمُوه (2). ووَكَّلَ عُثْمانُ عليًّا
(1) أخرجه البخاري، في: باب الوكالة في الحدود، من كتاب الوكالة، وفي: باب إذا اصطلحوا على جور فالصلح مردود، من كتاب الصلح، وفي: باب الشروط التي لا تحل في الحدود، من كتاب الشروط، وفي: باب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه، من كتاب الحدود، وفي: باب كيف كان يمين النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الأيمان، وفي: باب الاعتراف بالزنى، وباب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى. . . .، من كتاب الحدود، وفي: باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر في الأمور، من كتاب الأحكام، وفي: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، من كتاب الآحاد. صحيح البخاري 3/ 134، 240، 241، 250، 8/ 46، 161، 208، 214، 9/ 94، 110. ومسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1324، 1325.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، وفي: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذي 6/ 203، 205. والنسائي، في: باب صون النساء عن مجلس الحكم، من كتاب القضاة. المجتبى 8/ 211. وابن ماجه، في: باب حد الزنى، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 852. والدارمي، في: باب الاعتراف في الزنى، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 177. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 822. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 115، 116.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1320. وأبو داود، في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 456 - 459. والدارمي، في: كتاب الاعتراف بالزناء، من كتاب الحدود. سنن الدارمي 2/ 176. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 62.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في إقامَةِ حَدِّ الشُّرْبِ على الوَليدِ بنِ عُقْبةَ. رواه مسلم (1). ولأن الحاجَةَ تَدْعُو إليه؛ لأنَّ الإِمامَ لا يُمْكِنُه تَوَلِّي ذلك بِنَفْسِه. ويجوزُ التَّوْكِيلُ في إثْباتِها. وقال أبو الخطّابِ: لا يَجُوزُ. وهو قول الشافعيِّ؛ لأنَّها تَسْقُطُ بالشُّبُهاتِ، وقد أمِرْنا بدَرْئِها بها، والتَّوكيلُ تَوصُّلٌ إلى الإيجابِ. ولنا، حديثُ أُنَيسٍ الذي ذَكَرْناه، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَّلَه في إثْباتِه واسْتِيفائِه جمِيعًا بقَوْلِه:«فَإنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْهَا» . وهذا يَدُلُّ على أنَّه لم يَكُنْ ثَبَت، وقد وكَّلَه في إثْباتِه. ولأنَّ الحاكِمَ إذا اسْتَنابَ، دَخَل في ذلك الحُدُودُ، فإذا دَخَلَتْ في التَّوْكيلِ بطَرِيق العُمُومِ، فبالتَّخْصِيصِ يكونُ دُخُولُها أوْلَى، والوَكِيلُ يَقُومُ مَقامَ المُوَكِّلِ في دَرْئِها بالشُّبُهاتِ.
(1) في: باب حد الخمر، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1331، 1332.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا العِباداتُ، فما تَعَلَّقَ منها بالمالِ؛ كالصَّدقاتِ، والزَّكاةِ، والمَنْذُوراتِ، والكَفّاراتِ، جاز التَّوكِيلُ في قَبْضِها وتَفْرِيقِها. ويَجُوزُ للمُخْرِجِ التَّوْكِيلُ في إخْراجِها ودَفْعِها إلى مُسْتَحِقِّها. ويَجُوزُ أن يَقُولَ لغيرِه: أخْرِج زَكاةَ مالِي مِن مالِكَ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَث عُمّاله لقَبْضِ الصَّدَقاتِ وتفْرِيقِها، وقال لمُعاذٍ حينَ بَعَثَه إلى اليَمَنِ:«أعْلِمْهُمْ أنَّ عَلَيهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِم» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ويَجُوزُ التَّوْكِيلُ في الحَجِّ إذا أَيِسَ المَحْجُوجُ عنه مِن الحَجِّ بنَفْسِه، وكذلك العُمْرَةُ. ويَجُوزُ أن يُسْتنابَ مَن يَحُجُّ عنه بعدَ المَوْتِ. فأمّا العِباداتُ البَدَنِيَّةُ المَحْضَةُ؛ كالصلاةِ، والصِّيامِ، والطهارةِ مِن الحَدَثِ، فلا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فيها؛ فإنَّها تَتَعلَّقُ ببَدَنِ مَن هي عليه، فلا يَقومُ غيرُه مَقامَه، إلَّا أنَّ الصيامَ المَنْذُورَ يُفْعَلُ عن المَيِّتِ، وليس ذلك بتَوْكيل؛ لأنَّه لم يُوَكِّلْ في ذلك، ولا وَكَّلَ فيه يخرُه. ولا يَجُوزُ في الصلاةِ إلَّا في رَكْعَتَي الطَّوافِ تَبَعًا للحَجِّ. ولا تَجُوزُ الاسْتِنابةُ في الطهارَةِ إلَّا في صَبِّ الماءِ وإيصالِه إلى الأعْضاءِ، وفي تَطْهِيرِ النَّجاسَةِ عن البَدَنِ والثَّوْبِ وغيرِهما.
(1) تقدم تخريجه في 2/ 99، 6/ 291.