الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)} [الشّورى].
ويذهب حرّها: استصغار المصيبة، فقد يَظُنُّ ظَانٌّ أنَّ المصيبة بالولد ونحوه أعظم المصائب، والحقيقة أنَّ مصابنا بفقد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:"فَأَنَا فَرَطُ أُمَّتِي، لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِي"(1)، وصدق حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه:
وَمَا فَقَدَ المَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ
…
وَلَا مِثْلُهُ حَتَّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ (2)
والمصيبة بالدِّين أعظم كذلك، ولذلك كان من دعاء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا"(3)، ولعلّ المصيبة بالعرض تفوق المصيبة بفقد الولد ونحوه، أَجَارَنَا الله تعالى مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ، ولا أنسانا المصيبة بأعظم منها حاشا مصابنا به صلى الله عليه وسلم.
ويذهب حرّها: أَنْ تعلم أَنَّ ذهاب أجر الصَّبر على المصيبة أعظم من المصيبة نفسها، فالجزع لا يزيدك إلّا خسارًا وتبارًا، فضلًا عن أنَّ الجزع فيه مغضبة للرَّب، ومرضاة للشّيطان، ومسرَّة للحاقدين والأعداء، ومساءة لِلْأَقْرَبِينَ وَالْأَخِلَّاء.
إحداد المرأة على غير زوجها ثلاث ليال وعلى زوجها أربعة أشهر وعشرًا
لمَّا جَاءَ خبر موت أَبِي سُفْيَانَ (صخر بن حرب) والد أمّ حَبِيبَة رضي الله عنها، دعت أُمُّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ بِطِيبٍ، فَمَسَحَتْ جانبي وجهها وذِرَاعَيْهَا،
(1) أحمد "المسند"(ج 5/ص 213/رقم 3098) إسناده حسن.
(2)
"ديوان حسّان بن ثابت رضي الله عنه "(ص 64).
(3)
التّرمذي "سنن التّرمذي"(ص 795/رقم 3502) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
إيذانًا بانتهاء الحداد، فعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ: لمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها بِصُفْرَةٍ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا، وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:"لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"(1).
فالمرأةُ لا تُحِدُّ على هالك أكثر من ثلاث إلّا على زوجها، تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
…
(234)} [البقرة].
وهذا في حقِّ المرأة غير الحامل، أما الحامل فإنها تعتدّ وتحدّ على زوجها إلى وضع الحمل، فإذا وضعت حملها خرجت من العدّة والإحداد ولو بعد موت زوجها بمدة يسيرة، لقوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (4)} [الطّلاق]، والآية مخصّصة لعموم الآية السّابقة.
وَفِي الْبُخَارِيِّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أفتى سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ إِذَا وَضَعَتْ حملها بعد وفاة زوجها أَنْ تَتَزَوَّجَ، لخروجها من العدّة، قَالَتْ سُبَيْعَةُ:"أَفْتَانِي إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ"(2).
وقَالَتْ أمّ سلمة رضي الله عنها: "قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ
(1) البخاري "صحيح البخاريّ"(ج 2/ص 78/رقم 1280) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(2)
البخاري "صحيح البخاريّ"(ج 7/ص 57/رقم 5319) كِتَابُ الطَّلاقِ.