الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُمُّ كَعْبٍ رضي الله عنها كما صرَّح مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ.
عذاب القبر دائم أم منقطع
؟
عذاب القبر: دائم، ومنقطع. فالدّائم عذاب الكافرين والمنافقين، ويشهد لذلك قوله تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر]، وقوله تعالى:{لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون]، فلعلّ المراد من قوله:{إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
…
أنَّ العذاب يستمرّ بهؤلاء إلى يوم البعث، كما في الحديث:"فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ الله مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ"(1).
ويشهد للعذاب الدّائم حديث سمرة الذي رواه البخاريّ في رؤيا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفيه:"فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"(2).
وقصّة الَّذي أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ بِمَا أُوتِيَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ وَتَبَخْتُره الَّتي رواها مسلم وغيره من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ، يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَخَسَفَ اللهُ بِهِ الْأَرْضَ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"(3).
(1) التّرمذي "سنن التّرمذي"(ص 254/رقم 1071) وقال أبو عيسى: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وحسّنه الألباني في "المشكاة"(ج 1/ص 46/رقم 130).
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 100/رقم 1386) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(3)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 3/ص 1654) كتاب اللِّبَاسِ.
وما أخرجه التّرمذي من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "
…
وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: التَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ الله مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ" (1).
والحديث المتّفق عليه، الَّذي فيه أَنَّ الميِّت يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ الّذي يَسْكُنُه بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ الله يَوْمَ القِيَامَةِ"(2).
فإن قيل: يَحْتَمِلُ أَنَّ المراد بالعرض غَدَاة وَاحِدَة وَعَشِيَّة وَاحِدَة، قلنا: ويَحْتَمِلُ كُلّ غَدَاةٍ وَكُلّ عَشِيٍّ ما دامت الدُّنيا. فإن قيل: هل هَذَا الْعَرْضُ عَلَى الرُّوحِ، أم على الرُّوحِ وجزء من البدن، أم غير ذلك؟ قلنا: ليس هذا محلّ البحث، وهو مبسوط في كتب الشُّروح.
أمّا العذاب المنقطع فهو عذاب بعض العصاة من المؤمنين، فيعذَّب بذنبه،
ثمَّ يُخَفّف عنه، فمقتضى عدله جل جلاله يقضي بأن يعذب العبد بقدر ذنبه، وقد يمنُّ الله
(1) التّرمذيّ "سنن التّرمذي"(ص 253/رقم 1071) وقال أبو عيسى: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وحسّنه الألباني في "المشكاة"(ج 1/ص 46/رقم 130).
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 99/رقم 1379) كِتَابُ الجَنَائِزِ. ومسلم "صحيح مسلم"(ج 4/ص 2199) كتاب الْجَنَّةِ.