الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به إليهم لا أن يدعو إليه.
ويكره لأهل الميِّت صنع الطَّعام للنَّاس؛ لأنَّه خلاف السُّنَّة، ولأن الضّيافة حقُّها أن تكون للسُّرور لا للأحزان والشُّرُورِ، ولأنَّ صنع الطَّعام مشغلة لهم ويضاعف عليهم مصيبتهم، والأصل أن نخفِّف عنهم، لا أن نزيد عليهم.
فلا يجوز لهم أن يجمعوا النَّاس على وليمة، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله
…
الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ
النِّيَاحَةِ" (1)، لكن إن نزل بهم ضيف من خارج البلد ودعت الحاجة جاز إطعامه.
لا تخص التعزية في مكان ولا تحد بزمان
الاجتماع للتَّعزية في مكان مخصوص خلاف السُّنَّة، لحديث جَرِيرِ الْبَجَلِيِّ، قَالَ:"كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ"(2).
وَلَا تُحَدُّ التَّعزية بثلاث ليال لا يتعدَّاها، فقد عزَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث، حيث تَرَكَ أَهْلَ جَعْفَرٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَبْكُونَ وَيَحْزَنُونَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، ثمّ أتاهم مُسَلِّيًا لَهُمْ، ففي حديث عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ - ثَلاثًا - أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ: لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ
…
" (3) الحديث.
أمّا حديث: "لا عزاء بعد ثلاثة" فليس حديثًا مرويًّا، وإنَّما هو مِنْ كَلَامِ العَامَّةِ.
(1) أحمد "المسند"(ج 11/ص 505/رقم 6905) حديث صحيح.
(2)
المرجع السّابق.
(3)
أحمد "المسند"(ج 3/ص 278/رقم 1750) إسناده صحيح على شرط مسلم.
صيغة التّعزية
لعلّ أفضل ألفاظ التَّعزية ما قاله النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم معزّيًا ابنته لما مات ولدها: "إِنَّ
لله مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ" (1).
ولك أن تقول: اتَّق الله واصبر؛ فلمّا مَاتَ ابْنٌ لامْرَأَة مِنَ الْأَنْصَارِ لَيْسَ لَهَا
غَيْرُهُ وحَزِنَتْ عَلَيْهِ دخل عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَزِّيهَا: "فَأَمَرَهَا بِتَقْوَى الله وَبِالصَّبْرِ"(2).
ولك أن تدعو بما دعا به النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ عَقِبَ مَوْتِهِ رضي الله عنه، ذكرت أمّ سلمة رضي الله عنها أنَّه قال:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ"(3).
وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في تعزية عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما في أبيه: "اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ الله فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ"(4) قَالَهَا ثَلاثَ مِرَارٍ.
(1) البخاريّ "صحيح البخاري"(ج 2/ص 97/رقم 1284) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(2)
الحاكم "المستدرك"(ج 1/ص 492/رقم 1447) وقال الحاكم: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، ووافقه الذّهبيّ، وحسّنه الألباني في "الأحكام"(ص 164).
(3)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 2/ص 634) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(4)
أحمد "المسند"(ج 3/ص 279/رقم 1750) إسناده صحيح على شرط مسلم.