الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُنَيَّةً غَيْرَ (1) أُذُنِهِ" (2).
الِاسْتِغْفَار لِلْمَيِّتِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ وَسُؤَال التَّثْبِيت لَهُ
ويشرع بعد الفراغ من دفن الميّت أن يقف أحد النَّاس على قبره يستغفر له، ويدعو له بالتَّثبيت، ويأمر الحاضرين بذلك، عنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ"(3). فينبغي الاستغفار والدّعاء له بعد الفراغ من الدّفن مباشرة، كَأَنْ يُقَالَ:(اللَّهُمَّ اغفر له، اللَّهُمَّ ثبّته بالقول الثّابت) ثلاث مرّات؛ لأنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا.
الدعاء جماعة عند القبر والتأمين
وليس من هدي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن يقوم أحدهم على القبر يدعو وَيُؤَمِّن الجميع، ولا من سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ من بَعْده، وإنَّما كان صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالاستغفار للميِّت والدُّعاء له بالتّثبيت كلٌّ وحده، وليس جماعة كما تقدَّم في الحديث آنفًا.
موعظة المحدّث عند الدّفن وقعود أصحابه عنده
ويجوز للمحدِّث أن يعظ النَّاس أثناء الدَّفن، فيجلس مستقبلًا القبلةَ، ويجلس أصحابه معه، ويذكِّرهم بالموت وما بعده؛ لحديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمْ
(1) أي غَيْرَ أَثَر يَسِير في أذنه.
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 93/رقم 1351) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(3)
أبو داود "سنن أبي داود"(م 5/ص 127/رقم 3221) إسناده حسن.
يُلْحَدْ بَعْدُ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ" (1)، وبوّب عليه أبو داود (باب الجلوس عند القبر) يعني للواعظ والموعوظ.
وعند أحمد عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "اسْتَعِيذُوا بِالله مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ
…
" (2) الحديث.
وعند البخاريّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ:"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، قَالَ: أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الّليل] "(3) الآيَةَ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ (بَابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ، وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ).
فالموعظة للأحياء عند الدَّفن جائزة، لكن ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من مشروعيَّة
(1) أبو داود "سنن أبي داود"(ج 5/ص 120/رقم 3212) إسناده صحيح.
(2)
أحمد "المسند"(ج 30/ص 499/رقم 18534) إسناده صحيح، رجاله رجال الصّحيح.
(3)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 96/رقم 1362) كِتَابُ الجَنَائِزِ.