الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم " (1)، فالمرأة المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تنقضي عدّتها وتخرج منها بِوَضْعِ الْحَمْلِ.
الحكمة في إحداد المرأة على زوجها أكثر من إحدادها على والديها
قد يقول قائل: ما الحكمة في أنّ المرأة لا تحدّ على أبيها وأمّها فَوْقَ ثَلَاثٍ، وتحدّ عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا؟
والجواب لعلّ الحكمة تكون في امتثال أمر الله تعالى القائل في محكم التّنزيل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
…
(36)} [الأحزاب]، كذلك لمعرفة براءة الرَّحم معرفة يقينيّة حماية لحرمات الله تعالى، فالحمل حقّ للزوج المتوفّى، فلو تزوّجت بآخر وكانت حاملًا لجعلت الآخر يَسْقِي مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وهذا لا يحلّ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"لَا يَحِلُّ لِامْرِئ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ"(2).
والمرأة إذا وضعت بعد موت زوجها بِلَحْظَةٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وحلَّت للأزواج.
أيضاً تحدّ المرأة صيانة لحقّ الزَّوج المتوفَّى، ووفاء له، ومراعاة لشعور أهله.
صفة الإحداد في الإسلام
المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عليها أن تَجْتَنِب وتمتنع في عِدَّتِهَا عن خمسة: الخروج من البيت إلَّا لحاجة أو ضرورة، وتمتنع عن الجميل من الثِّياب، وعن الحليّ (الجواهر)،
(1) البخاري "صحيح البخاريّ"(ج 6/ص 155/رقم 4909) كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ.
(2)
أحمد "المسند"(ج 28/ص 207/رقم 16997) صحيح بشواهده، وهذا إسناد حسن.
والكحل، والطِّيب إلّا إذا طهرت من حيض فلا بأس أن تأخذ شيئًا من البخور لا لِلتَّطَيُّبِ، وإنَّما لتتبع به أثر الدَّم.
عنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ (1) أَوْ أَظْفَارٍ"(2).
وتلزم بيتها وتعتدّ به، بدليل أنّ أُخْت أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (فُرَيْعَة بِنْت مَالِك) لمّا قُتِلَ زوجها سَأَلت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أن تَتَحَوَّلَ إِلَى أَهْلِها، فقال لها:"امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي أَتَاكِ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ"(3).
ولا تخرج منه إِلَّا للحاجة أو الضَّرورة، أخرج مسلم في كتاب الطَّلاق (باب جَوَازِ خُرُوجِ المُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ، وَالمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي النَّهَارِ لِحَاجَتِهَا) حديث جَابِر بْن عَبْدِ الله رضي الله عنهما، يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا"(4)، والحديث في خروج المطلَّقة، لكنّ المصنّف أخذ منه حكم جواز خروج المتوفَّى عنها زوجها لحاجة.
(1) القسْطُ: بَخُورٌ مَعْرُوفٌ وَكَذَلِكَ الْأَظْفَارُ.
(2)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 2/ص 1127) كِتَابُ الطَّلَاقِ.
(3)
أحمد "المسند"(ج 45/ص 28/رقم 27087) إسناده حسن.
(4)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 2/ص 1121) كِتَابُ الطَّلَاقِ.