الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيام للجنازة وتركه
ندب النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أوّل الأمر إلى القيام للجنازة، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا، فَلْيَقُمْ حَتَّى يَخْلُفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ"(1).
وعن جَابِر بْن عَبْد الله رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ، فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنَا بِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، قَالَ:"إِذَا رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ، فَقُومُوا"(2).
ثمّ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ آخر الأمر تَرْكُ القيام، فَعِنْدَ مُسْلِمٍ عن عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ:
…
"رَأَيْنَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَامَ فَقُمْنَا وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا يَعْنِي فِي الْجَنَازَةِ"(3)، وبوّب عليه (بَاب نَسْخِ الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ).
وقال عَلِيٌّ رضي الله عنه فِي شَأْنِ الْجَنَائِزِ: "إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَامَ، ثُمَّ قَعَدَ"(4)، وعَنْ
…
أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَلِيٍّ فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامُوا لَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: أَمْرُ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ:"إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِجَنَازَةِ يَهُودِيَّةٍ وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ"(5).
العلّة من وراء القيام للجنازة
تعددت الرِّوايات في علّة القيام للجنازة، فقد سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله تَمُرُّ بِنَا جَنَازَةُ الْكَافِرِ أَفَنَقُومُ لَهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ فَقُومُوا لَهَا، فَإِنَّكُمْ
(1) البخاريّ "صحيح البخاري"(ج 2/ص 85/رقم 1308) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(2)
المرجع السّابق.
(3)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 2/ص 662) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(4)
المرجع السّابق.
(5)
النّسائي "سنن النّسائي"(ص 309/رقم 1923) صحيح.
لَسْتُمْ تَقُومُونَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامًا لِلَّذِي يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ" (1).
وفي الصَّحيح أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ:"أَلَيْسَتْ نَفْسًا"(2).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ جِنَازَةَ يَهُودِيٍّ مَرَّتْ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَامَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ:"إِنَّمَا قُمْتُ لِلْمَلَائِكَةِ"(3).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَامَ: فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ:"إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا"(4).
وجمع الحافظ ابن حجر بينها، فقال:"لِأَنَّ الْقِيَامَ لِلْفَزَعِ مِنَ المَوْتِ فِيهِ تَعْظِيمٌ لِأَمْرِ الله، وَتَعْظِيمٌ لِلْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَهُمُ المَلَائِكَةُ"(5).
نهي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم النّساء عن اتّباع الجنائز
جاءَ النّهْي عَنِ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ للْجَنَائِزِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:"نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا"(6)، أي لمْ يُؤَكَّدْ عَلَيْنَا فِي المَنْعِ، ولَمْ يُشدَّد في النَّهي كَمَا يُشدَّدُ في المُحَرَّمَات، فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ للنِّساء اتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ، فهو نهي
(1) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان"(ج 7/ص 324/رقم 3053) إسناده قويّ.
(2)
البخاريّ "صحيح البخاري"(ج 2/ص 85/رقم 1312) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(3)
الحاكم "المستدرك"(ج 1/ص 509/رقم 1321) وقال: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
(4)
أحمد "المسند"(ج 14/ص 211/رقم 8527) إسناده صحيح على شرط مسلم.
(5)
ابن حجر "الفتح"(ج 3/ص 180).
(6)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 78/رقم 1278) كِتَابُ الجَنَائِزِ.