الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الرابع
ما على من حضر المحتضر
ماذا على من حضر المحتضر أن يفعل
؟
مِن الأمور الَّتِي ينبغي أن يفعلها مَنْ حَضَر مَنْ حضرته الوفاة: أن يدعو له ولا يقول عنده إلّا خيرًا، وأن يُطْمِعَه برحمة الله تعالى وفضله، وأن يُلَقِّنَه الشَّهادة، وهذا بيان ذلك.
أوّلًا: على مَنْ حَضَر الدّعاء لمن حُضِر
على من حَضَرَ الدُّعاء لمن حُضِر، وقول الخير عنده، وترك الدُّعاء بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ؛ فإنَّ الملائكة تحضر وتؤمِّن (يَقُولُونَ آمِينَ) على دعائهم فيستجاب دعاء الملائكة فيهم، عنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَضَرْتُمُ المَرِيضَ، أَوِ المَيِّتَ، فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ المَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ"(1).
ثانيًا: يستحب لمن حضر أن يطمع المحتضر في رحمة الله تعالى
نعم، يستحبُّ لمن حَضَرَ أن يُطْمِعَ المحتضِر في رَحمةِ الله تعالى بتذكيره بمحاسن عمله، وَفَعَلَ ذلك ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لِعُمَرَ رضي الله عنه عِنْدَ احْتِضَارِهِ، فلمَّا طُعِنَ عُمَرُ رضي الله عنه جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ
(1) مسلم "صحيح مسلم"(ج 2/ص 633) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
عَنْكَ رَاضُونَ" (1).
وفعله ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما مع عائشة رضي الله عنها، فقد دخل عليها قَبْلَ مَوْتِهَا وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، فقال:"فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ الله، زَوْجَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ"(2). وفي رواية أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها اشْتَكَتْ، فَجَاءَ
…
ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَقَالَ:" يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ: عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ"(3).
ولمّا حضرت عَمْرَو بْن الْعَاصِ الوفاة، بكى طَوِيلًا، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ:"يَا أَبَتَاهُ، أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِكَذَا؟ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِكَذَا؟ "(4).
ثالثًا: أن يُلقِّن مَنْ حضرته الوفاة لا إله إلا الله
أوَّلُ أحكام المُحْتَضَرِ تَلْقِينُه لَا إِلَهَ إِلَّا الله، والتّلقين سُنَّةٌ أُمِرْنا بِهَا، فقد نَدَبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إليها، وقال:"لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ"(5) أي ذكِّروهم بها، وذلك في آخر يوم من أيَّام الدُّنيا، وأوّل يوم من أيَّام البرزخ.
وصفة التَّلقين أن تأمر المحتضر أن يقول لا إله إلّا الله، فإن قالها فلا تكلّمه
(1) البخاري "صحيح البخاري"(ج 5/ص 12/رقم 3692) كتاب أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 6/ص 106/رقم 4753) كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ.
(3)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 5/ص 29/رقم 3771) كتاب أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(4)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 1/ص 112) كِتَابُ الْإِيمَان.
(5)
مسلم "صحيح مسلم"(ج 2/ص 631) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.