الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غيرها، والله تعالى أعلم.
على كلّ إذا مات الإنسان في مكان أو زمان، لا نقول فيه شيئًا حتَّى ننظر إلى مَا مات عليه؛ فإن مات على عَمَلٍ صَالِحٍ وخُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ، قلنا: أَصَابَ إن شاء الله تعالى خَيْرًا.
ثناء النّاس على الميّت وما يرجى به
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:"مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ"(1).
والثّناء المراد به من أثنى عليه أهل الفضل، فيكون ثَنَاؤُهُمْ عليه موافقًا لِفعاله؛ لأنّ الّذين أثنوا على الجنازة جماعة من الصّحابة.
ومن العلماء من يرى أنَّ الثَّناء على عمومه وإطلاقه، قال النّووي:"كُلّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ الله تَعَالَى النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ فَلَا تُحَتَّمُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ بَلْ هُوَ فِي خَطَرِ المَشِيئَةِ، فَإِذَا أَلْهَمَ الله عز وجل النَّاسَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سبحانه وتعالى قَدْ شَاءَ المَغْفِرَةَ لَهُ، وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ"(2).
(1) البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 97/رقم 1367) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(2)
النّووي "صحيح مسلم بشرح النّووي"(م 4/ص 19) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ ابن حبّان وغيره عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَهْلِ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَتِهِ الْأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا خَيْرًا إِلَّا قَالَ الله جَلَّ وَعَلَا قَدْ قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فِيهِ وَغَفَرْتُ لَهُ ما لا تعلمون"(1).
وأَقَلّ مَا يُكْتَفَى بِهِ شهادة اثنين، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَيُّمَا مُسْلِمٍ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ، فَقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ، قَالَ: وَثَلاثَةٌ، فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ، قَالَ: وَاثْنَانِ. ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ"(2).
ويفهم ممّا سبق جَوَاز الثّناء على الميّت بِمَا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ عند مرور الجنازة، وهذا ليس من الغيبة الَّتي جاء فيها النَّهي عن سبِّ الأموات.
(1) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان"(ج 7/ص 295/رقم 3026) صحيح بشواهده.
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(ج 2/ص 97/رقم 1368) كِتَابُ الجَنَائِزِ.