الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
من أتى بالتوحيد ولم يأت بما ينافيه والتزم شرائع الإسلام وجب الكف عنه والحكم له بالإسلام في الظاهر والله يتولى السرائر
لا يصح الإسلام لأحد، حتى يقوم بكلمة التوحيد: علمًا واعتقادًا وقولاً وعملاً، ويحقق الولاء لأهلها، والبراءة من أعدائها.
ولكننا نقرِّر مع هذا ونؤكد: أن من أتى بالتوحيد، ولم يأت بما ينافيه، والتزم شرائع الإسلام، وجب الكف عنه، والحكم له بالإسلام في الظاهر، والله يتولي السرائر، فإذا قام به ناقض من نواقض الشهادتين، ارتد بذلك، وارتفعت عنه العصمة بالكلية.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله تعالى:
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمهما الله تعالى:
«وأهل العلم والإيمان لا يختلفون في أن من صدر منه: قول، أو فعل يقتضي كفره، أو شركه، أو فسقه، أنه يحكم عليه بمقتضى ذلك، وإن كان ممن يقر بالشهادتين ويأتي ببعض الأركان.
وإنما يكف عن الكافر الأصلي إذا أتى بهما، ولم يتبين منه خلافهما، ومناقضتهما» (2).
وقال بعض علماء نجد:
«ومعنى لا إله إلَاّ الله: توحيده في عبادته مع التبري من كل معبود سواه كما أخبر الله عن نبيه إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى: {إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 26، 27] ....
وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلَاّ الله وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله» رواه مسلم.
فحينئذٍ من لا يكفر بكل معبود سوى الله لا يحرم دمه وماله، ولا يكون مسلمًا بمجرد التلفظ بلا إله إلَاّ الله إلَاّ إذا أضاف إليها الكفر بما يعبد من دون الله، ولا بمعرفة معناها مع التلفظ بها، بل ولا كونه لا يدعو إلَاّ الله، ولم يكفر بما يعبد من دون الله، لم يكن مسلمًا بذلك فلا يحرم ماله ودمه.
فهذا أصل لا مرية فيما تضمنه ولا شك فيه، وأنه لا يتم إيمان أحد حتى يعلمه ويعمل له.
فإن قيل: قد أنكر صلى الله عليه وسلم على أسامة: قتله لمن قال لا إله إلَاّ الله؟
فالجواب: أنه لا شك أن من قال لا إله إلَاّ الله من الكفار، حقن دمه وماله حتى يتبين منه ما يخالف ما قاله، ولذا أنزل الله في قصته. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية [النساء: 94].
فإن تبين التزامه لمعناها، وهو: إفراد الإلهية والعبودية لله تعالى، كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.
وإن تبيَّن خلافه لم يحقن بمجرد التلفظ ماله ودمه، وهكذا كل من أظهر التوحيد، وجب الكف عنه، إلى أن يتبين منه ما يخالف ذلك» (1).
* * *
(1)«مجموع الرسائل والمسائل النجدية» : (5/ 670، 671).