الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
التحذير من ألفاظ لا ينبغي أن تقال في حق الله سبحانه
إن تعظيم الله من أجلِّ وسائل وغايات التوحيد، وضد ذلك من أخطر وسائل وغايات الشرك والتنديد، ولذلك ينبغي أن نراعي تجنب بعض الألفاظ، التي لا يجوز أن تقال في حق الله، تعظيمًا لشأنه سبحانه:
قال الشيخ صالح الفوزان يحفظه الله:
«الله جلَّ وعلا عظيم، يجب أن يعظَّم، وهناك ألفاظ لا يجوز أن تقال في حقه سبحانه، تعظيمًا له، وقد ورد النهي عنها.
ومن هذه الألفاظ: أنه لا يقال: «السلام على الله» ، لأن السلام دعاء للمسلَّم عليه بطلب السلامة له من الشرور، والله سبحانه يُطلب منه ذلك، ولا يطلب له، ويُدعى ولا يُدعى له، لأنه الغني، له ما في السموات والأرض، وهو السالم من كل عيب ونقص، ومانح السلامة ومعطيها، وهو السلام ومنه السلام.
وفي «الصحيح» عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام» ، أي: إن الله سالم من كل نقص ....
ومن الألفاظ التي لا تقال في حق الله تعالى: «اللهم اغفر لي إن شئت» ، فطلب الحاجة من الله لا يعلَّق على المشيئة، وإنما يجزم به.
وفي «الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإن
الله لا مكره له»، ولمسلم:«وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه»
…
(حرمة التألِّي على الله تعالى)
ومن الألفاظ التي لا تقال في حق الله تعالى الإقسام على الله إذا كان على وجه الحجر عليه أن لا يفعل الخير.
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألِّى علىَّ أن لا أغفر لفلان، إني قد غفرت له وأحبطت عملك» رواه مسلم.
والتألِّي من الأليَّة - بتشديد الياء -، وهي اليمين، ومعنى «يتألى»: يحلف، وقوله:«من ذا الذي» : استفهام إنكار.
وهذا الرجل أساء الأدب مع الله، وحكم عليه، وقطع أنه لا يغفر لهذا المذنب، فكأنه حكم على الله سبحانه، وهذا من جهله بمقام الربوبية، واغتراره بنفسه وبعلمه، وإدلاله بذلك، فعومل بنقيض قصده، وغفر لهذا المذنب بسببه، وأحبط عمله بسبب هذه الكلمة السيئة التي قالها، مع أنه كان عابدًا.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: «تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته» ....
(وجوب دراسة العقيدة، ومعرفة ما يصحِّحها وما يخل بها)
ومما سبق يتبيَّن أنه يجب التحفظ في الألفاظ، والابتعاد عن اللفظ الذي فيه سوء أدب مع الله سبحانه، لأن هذا يخل بالعقيدة، وينقص التوحيد، فلا يقال: السلام على الله، لأنه هو السلام سبحانه، ولأن السلام على أحد دعاء له بالسلامة، والله سبحانه يُدعى ولا يُدعى له، ولا يقال: اللهم اغفر لي وارحمني إن شئت
…
ونحو ذلك، بل كل دعاء يؤتى به على سبيل الجزم
بلا تعليق بالمشيئة، لأن الله يفعل ما يشاء، ولا مكره له، وإنه لا يقسم على
الله أن لا يرحم فلانًا أو يغفر لفلان، لأن هذا حظر ومنع لرحمة الله وسوء
ظن بالله عز وجل، كما أنه لا يجوز أن يقال: ما شاء الله وشاء فلان، وإنما يقال: ما شاء الله ثم شاء فلان، لأن العطف بالواو يقتضي المشاركة، ولا أحد يشارك الله سبحانه ويساويه في أمر من الأمور، وأما العطف بـ (ثم)، فإنه يقتضي الترتيب والتبعية، فتكون مشيئة المخلوق تابعة لمشيئة الله سبحانه وحاصلة بعدها، وليست مشاركة لها.
وكل هذا مما يؤكد على المسلم وجوب دراسة العقيدة، ومعرفة ما يصحِّحها وما يخل بها، حتى يكون على بيِّنة من أمره وحتى لا يقع في المحذور وهو لا يشعر.
وفَّق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح (1).
* * *
(1)«الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد» : (ص 128 - 141).