الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
كيف بلغ النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد وصان جنابه من أي حدث دخيل عليه
؟
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
«ولمَّا بلغ أربعين سنة بعثه الله بشيرًا ونذيرًا {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} [الأحزاب: 46]، ولما أتى قومه بلا إله إلَاّ الله قالت قريش:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: 5] ....
ولما أمره الله بالهجرة هاجر وأظهر الله دينه على الدين كله، وقاتل جميع المشركين ولم يميز بين من اعتقد في نبي ولا ولي ولا شجر ولا حجر، وما زال يعلِّم الناس التوحيد، ويقمع من دعاة الشرك كل شيطان مريد، حتى أزال الله الجهل والجهال وبان للناس من التوحيد ساطع الجمال.
وعن أنس قال: قال أناس: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال صلى الله عليه وسلم:«يا أيها الناس أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» ، وعن عبد الله بن الشخير قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أنت سيدنا، فقال:«السيد الله» ، وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله» .
وما زال صلى الله عليه وسلم معلِّمًا لأصحابه هذا التوحيد، ومحذرًا من الشرك حتى أتاهم مرة وهم يتذكرون الدجَّال فقال:«ألا أخبركم بما هو أخوف ما أخاف عليكم من المسيح الدجال» ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «الشرك الخفي.
يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل»، وحتى قال:«لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله في شيء» ، وحتى قال:«لا يقول أحدكم ما شاء الله وشاء فلان» ، وحتى قال:«لا تقولوا لولا الله وفلان» ، وحتى قال:«لا يقول أحدكم عبدي وَأَمَتي» ، وحتى قال:«من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر» (1).
وقال سليمان بن عبد الله في شرحه على كتاب التوحيد:
«باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك» .
الجناب: هو الجانب. واعلم أن في الأبواب المتقدمة شيئًا من حمايته صلى الله عليه وسلم لجناب التوحيد، ولكن أراد المصنف هنا بيان حمايته الخاصة، ولقد بالغ صلى الله عليه وسلم، وحذر وأنذر، وأبدأ وأعاد، وخصَّ وعمَّ في حماية الحنيفية السمحة التي بعثه الله بها، فهي حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، قال بعض العلماء: هي أشد الشرائع في التوحيد والإبعاد عن الشرك، وأسمح الشرائع في العمل» (2).
* * *