الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
خطر الشرك، ووجوب الحذر منه بتجنب أسبابه
قال الشيخ صالح الفوزان:
«الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى أخبر أنه لا مغفرة لمن لم يتب منه، مع أنه سبحانه كتب على نفسه الرحمة، وذلك يوجب للعبد شدة الحذر، وشدة الخوف من الشرك الذي هذا شأنه، ويحمله على معرفته لتوقيه؛ لأنه أقبح القبيح، وأظلم الظلم.
قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، وذلك لأنه تنقُّص لله عز وجل ومساواة لغيره به؛ كما قال تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1].
وقال تعالى: {فَلَا تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]، ولأن الشرك مناقض للمقصود بالخلق والأمر من كل وجه؛ فمن أشرك بالله عز وجل؛ فقد شبَّه المخلوق بالخالق، وأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات، بالقادر الغني بالذات عن جميع المخلوقات ....
وإليك بيان الوسائل القولية والفعلية، التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها تفضي إلي الشرك:
1 -
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلفظ بالألفاظ التي فيها التسوية بين الله وبين خلقه؛ مثل: (ما شاء الله وشئت)، (لولا الله وأنت)، وأمر بأن يقال بدل ذلك:(ما شاء الله ثم شئت)؛ لأن الواو تقتضي التسوية و (ثم) تقتضي الترتيب، وهذه التسوية في اللفظ شرك أصغر، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر.
2 -
نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في تعظيم القبور بالبناء عليها، وإسراجها، وتجصيصها، والكتابة عليها.
3 -
نهى عن اتخاذ القبور مساجد للصلاة عندها؛ لأن ذلك وسيلة لعبادتها.
4 -
نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لما في ذلك من التشبه بالذين يسجدون لها في هذه الأوقات.
5 -
نهى عن السفر إلى أي مكان من الأمكنة بقصد التقرب إلى الله فيه بالعبادة؛ إلَاّ إلى المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى.
6 -
نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه؛ فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله ورسوله» ، والإطراء: هو المبالغة في المدح.
7 -
نهى صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر إذا كان في مكان يُعبد فيه صنم، أو يقام فيه عيد من أعياد الجاهلية.
كل هذا حذَّر منه، صيانةً للتوحيد، وحفاظًا عليه، وسدًا للوسائل والذرائع التي تفضي إليه.
ومع هذا البيان التام من النبي صلى الله عليه وسلم، والاحتياط الشديد الذي يبعد الأمة عن الشرك؛ خالف القبوريون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعصوا أمره، وارتكبوا ما نهاهم عنه؛ فشيَّدوا القباب على القبور، وبنوا عليها المساجد، وزيَّنوها بأنواع الزخارف، وصرفوا لها أنواعًا من العبادة من دون الله» (1).
* * *
(1)«الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد» : (ص 46 - 49).