الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
بعض الأسباب الموجبة لقتال أهلها
ولقد بيَّن العلماء بعض الأسباب الموجبة لقتال أهلها منها:
1 -
الوقوع في الشرك الأكبر المناقض للإسلام من كل وجه.
2 -
الخروج على إمام مسلم موحِّد مقدِّم لأحكام ربه وشريعته على ما دونهما من الأحكام والشرائع.
3 -
عدم تكفير المشركين، أو الشك في كفرهم.
4 -
مظاهرة المشركين، وإعانتهم على المسلمين بيد، أو لسان، أو بمال.
5 -
من منع شيئًا من شعائر الإسلام الظاهرة، أو امتنع عن أداء شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة.
6 -
إذا ظهر في بلد أعلام الشرك، وأعلنت فيه المحرمات، وعطلت معالم الدين، حتى تصير بلاد كفر وشرك.
قال بعض علماء نجد - رحمهم الله تعالى -:
أما بعد: فإنه قد بلغني أن بعض الناس، قد أشكل عليه جهاد المسلمين لأهل حايل، هل هو شرعي أم لا؟ فأقول وبالله التوفيق: الجهاد مشروع لأحد أمور، منها:
الأمر الأول: الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين، فمن خرج عن طاعته، وجب جهاده على جميع الأمة، ولو كان الخارج مسلمًا، كما جاهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخوارج، وهو يعتقد إسلامهم، فإنه سئل عن كفرهم، فقال: من الكفر فرُّوا، وقال مرة أخرى لما سئل عنهم: إخواننا بغوا علينا.
والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل، يريد
أن يشق عصاكم، ويفرق جماعتكم، فاضربوا عنقه كائنًا من كان».
وما زال الأئمة في كل زمان ومكان، يجاهدون من خرج عن طاعة إمام المسلمين، والعلماء يجاهدون معهم ويحضونهم على ذلك، ويصنفون التصانيف في فضل ذلك، وفي فضل من قام فيه، لا يشك أحد منهم في ذلك، إلَاّ أن يأمر الإمام بمعصية الله، فلا تحل طاعته لأحد، بل تحرم طاعة مخلوق في معصية الخالق.
وأهل حائل: أمرهم الإمام بالدخول في الطاعة، ولزوم السنة والجماعة، ومنابذة أهل الشرك، وعداوتهم وتكفيرهم، فأبوا ذلك وتبرءوا منه، والإمام يقول - من أول الأمر إلى يومنا هذا - لهم: الشريعة، مقدمة بيني وبينكم، نمشي على ما حكمت به، على العين والرأس، فلم يقبلوا ولم ينقادوا، فوجب قتالهم على جميع المسلمين لخروجهم عن الطاعة، حتى يلتزموا ما أمرهم به الإمام، من طاعة الله تعالى.
الأمر الثاني: مما يوجب الجهاد لمن اتصف به، عدم تكفير المشركين، أو الشك في كفرهم، فإن ذلك من نواقض الإسلام ومبطلاته، فمن اتصف به فقد كفر، وحل دمه وماله، ووجب قتاله حتى يكفر المشركين، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«من قال لا إله إلَاّ الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه» ، فعلَّق عصمة المال والدم بأمرين:
الأول: قول لا إله إلَاّ الله.
والثاني: الكفر بما يُعبد من دون الله.
الأول: قوله: لا إله إلَاّ الله، والمراد معناها لا مجرَّد لفظها، ومعناها هو توحيد الله بجميع أنواع العبادة.
الأمر الثاني: الكفر بما يعبد من دون الله، والمراد بذلك تكفير المشركين، والبراءة منهم ومما يعبدون مع الله.
فمن لم يكفِّر المشركين من الدولة التركية، وعبَّاد القبور، كأهل مكة
وغيرهم، ممن عبد الصالحين، وعدل عن توحيد الله إلى الشرك، وبدَّل سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم بالبدع، فهو كافر مثلهم، وإن كان يكره دينهم، ويبغضهم، ويحب الإسلام والمسلمين، فإن الذي لا يكفِّر المشركين، غير مصدِّق بالقرآن، فإن القرآن قد كفر المشركين، وأمر بتكفيرهم، وعداوتهم وقتالهم.
قال الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله في نواقض الإسلام.
الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحَّح مذهبهم، كفر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من دعا علي بن أبي طالب، فقد كفر، ومن شك في كفره، فقد كفر.
الأمر الثالث: مما يوجب الجهاد لمن اتصف به، مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين بيد أو بلسان أو بقلب أو بمال، فهذا كفر مخرج من الإسلام، فمن أعان المشركين على المسلمين، وأمد المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختيارًا منه، فقد كفر.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في نواقض الإسلام، الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، فمن اتصف بشيء من هذه الصفات، مما ينقض الإسلام، أو منع شيئًا من شعائر الإسلام الظاهرة، أو امتنع عن أداء شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة، فإنه يجاهد حتى يقر بذلك ويلتزمه.
وبهذا يتبيَّن لك، أن جهاد أهل حائل، من أفضل الجهاد، ولكن لا يرى ذلك إلَاّ أهل البصائر، وأما من لا بصيرة عنده، فهو لا يرى الجهاد إلَاّ لأهل الأوثان خاصة، وأما من اقر بالشهادتين، فلا يرى جهاده» (1).
(1)«الدرر السنية» : (9/ 289 - 292).
وقال الشيخ حمد بن عتيق، رحمه الله تعالى، لبعض إخوانه:
بلغني ما ساءني، وعسى أن يكون كذبًا، وهو: أنك تنكر على من اشترى من أموال أهل الأحساء، التي تؤخذ منهم قهرًا، فإن كان صدقًا فلا أدري ما عرض لك، والذي عندنا أنه لا ينكر مثل هذا، إلَاّ من يعتقد معتقد أهل الضلال، القائلين: أن من قال لا إله إلَاّ الله لا يكفر، وأن ما عليه أكثر الخلق من فعل الشرك وتوابعه، والرضا بذلك، وعدم إنكاره، لا يخرج من الإسلام.
وبذلك عارضوا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، في أصل هذه الدعوة، ومن له مشاركة فيما قرَّره المحققون، قد اطلع على أن البلد، إذا ظهر فيها الشرك، وأعلنت فيها المحرَّمات، وعطِّلت فيها معالم الدين، أنها تكون بلاد كفر، تغنم أموال أهلها، وتستباح دماؤهم، وقد زاد أهل هذه البلد، بإظهار المسبَّة لله ولدينه، ووضعوا قوانين ينفذونها في الرعية، مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد علمت أن هذه كافية وحدها، في إخراج من أتى بها من الإسلام» (1).
* * *
(1)«الدرر السنية» : (9/ 256).