الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
الرد على شبهة التنقُص بمقام الرب سبحانه
(شبهة التجسيم)
تلك الشبهة التي لم يزل أعداء أهل السنة والجماعة يرمونهم بها، وما نقموا منهم إلَاّ أنهم وصفوا ربهم بما وصف به نفسه، ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، على وجه يليق بجلاله وكماله وعظيم سلطانه، من غير تعطيل، ولا تحريف، ولا تشبيه، متَّبعين في ذلك - لا مبتدعين - صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، الذين هم أعلم الأمة بربِّها ونبيِّها ودينها، وذلك بإجماع الأمة، شاء أهل الأهواء ذلك أم أبوا.
قال أحد المناوئين لدعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
[كتهمة الوهابية للذات العلية يعتقدون بأن لله جسم محدود، مُؤلَّف من أعضاء، يد محسوسة يبطش بها، ورجل يمشي بها، يجلس ويقوم، ويغدو ويروح، وينزل ويرتفع، فأصبحوا كإخوانهم النصارى في الناسوت واللاهوت، لعب إبليس بلحاهم حتى أرداهم وأخرجهم من دائرة الإسلام، لأن المجسِّمة ليسوا من الإسلام في شيء
…
إلخ].
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله تعالى في الرد على هذا الافتراء:
والجواب أن يقال: مراده بالوهابية: أتباع أئمة الدعوة السلفية، التي
قام بها في نجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدِّد القرن الثاني عشر،
وهو وأتباعه رحمهم الله لهم (1) مذهب خاص، بل هو في العقيدة على معتقد
(1) هكذا في الأصل، ولعلها: ليس لهم
…
السلف الصالح والأئمة الأربعة ومن تبعهم بإحسان، وهم في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام السنة والحديث، مع أنهم لا يعيبون من تبع مذهب إمام من الأئمة المعتبرين، وإذا تبين لهم الحق والصواب في غير مذهب إمامهم، تبعوه مع من كان، وقد ذكرنا آنفًا أننا متَّبعون للنص والدليل ندور معه حيث دار، ففيما ذكره هذا القائل عدة أخطاء:
الأول: تسميته لهم بالوهَابية:
بعد أن عرفت أنهم لم يختصوا بشيء ولم يبتدعوا جديدًا، وأن كل ما قالوه: إنهم متبعون للنصوص وللسلف الصالح، ولأن القائم بالدعوة ليس هو عبد الوهاب، وإنما هو ابنه الشيخ محمد، فهم المحمديون أصلاً وفرعًا، ولأن الوهَّاب اسم من أسماء الله تعالى، فهو الذي وهبهم الهداية والعلم والعمل.
الثاني: رميه لهم بالتجسيم:
فهم لم يقولوا بذلك أبدًا، ولم يستعملوا هذه اللفظة إثباتًا ولا نفيًا، فمن قال: إن الله جسم فهو مبتدع، وكذا من نفى الجسم فهو مبتدع أيضًا، حيث إن هذه اللفظة. لم ترد في النصوص، ولم يستعملها السلف والأئمة، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، مع أنا نثبت الصفات الواردة ونعتقد حقيقتها، وننفي عنها التشبيه والتمثيل، ولا يلزم أن تكون (1) مجسمة إذا قلنا: بأن الله فوق عباده على عرشه بائن من خلقه، أو قلنا: إن له يدًا ووجهًا وعينًا كما يشاء، أو قلنا: إنه ينزل ويجيء لفصل القضاء كما يشاء، فإن هذه الصفات ونحوها قد وردت بها النصوص، فنحن نعتقد حقيقتها ولا نمثلها بخصائص المخلوق، ولا نثبت لها كيفية أو مثالاً، فكما لم ندرك كُنْهَ الذات وماهيتها، فهكذا نقول
(1)«هكذا في الأصل» ، ولعلها: نكون.
في هذه الصفات، فإنا نثبتها إثبات وجود لا إثبات تكيف وتحديد، كما قال ذلك أكابر الأئمة، فكيف يلزم من ذلك أن تكون مجسمة؟!
وكذا قوله: (محدود). نفضل ترك الخوض في الحد، مع أنه من المسائل التي أثبتها بعض السلف ونفاها البعض، ولكن الأفضل التوقف، حيث إن البحث في ذلك مُبْتَدَع، وإن اللفظ لم يرد في الأدلة، ومع ذلك فعذر من أثبت الحد ومن نفاه أن لكل منهما مقصدًا ظاهره الصحة.
وبالجملة: فلا اختصاص لنا بهذا دون غيرنا، ولكن هذا الكاتب مزجي البضاعة في عقيدة السلف وأقوالهم، وكان الأولى أن يوجه طعنه لومه على علماء السلف وأئمتهم، فإن هذه الأقوال والمذاهب المأثورة عنهم مدونَّة في مؤلفاتهم الموجود المشهور!!» (1).
(1)«الكنز الثمين» : (ص 264 - 271).