الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
الرد على أشهر شبهات المشركين
* لقد خان المشركون أنفسهم عندما أوهموها بأن الآيات التي نزلت في ذكر الكفار والمشركين، كانت في قوم قد خلوا، ولم يعقبوا وارثًا، وزين لهم ذلك علماء السوء في قلوبهم، فتأصَّل الشرك بذلك في أفئدتهم، وظنوا بالله ظن السوء، وصاروا قومًا بورًا.
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعًا نقلاً عن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا عين الشرك، وقد أنكر الله عليهم ذلك في كتابه، وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها له.
وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلاً} [الإسراء: 56]، وقوله:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22، 23].
والقرآن مملوء من أمثال هذه الآية، ولكن أكثر الناس لا يشعر بدخول الواقع تحته، ويظنه في قوم قد خلوا، ولم يعقبوا وارثًا، وهذا هو الذي يحول بين المرء وبين فهم القرآن، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية.
وهذا لأنه إذا لم يعرف الشرك، وما عابه القرآن وذمه، وقع فيه، وأقره
وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية، فتنتقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والبدعة سنة والسنة بدعة، ويكفَّر الرجل بمحض الإيمان وتجريد التوحيد، ويبدَّع بتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومفارقة الأهواء والبدع، ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانًا، فالله المستعان» (1).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بعد أن أبان وقرَّر كفر طواغيت عصره:
«فإن جادل منافق، بكون الآية نزلت في الكفار، فقولوا له: هل قال أحد من أهل العلم أولهم وآخرهم: إن هذه الآيات لا تعم من عمل بها من المسلمين؟ من قال هذا قبلك؟
وأيضًا فقولوا له: هذا رد على إجماع المسلمين، فإن استدلالهم بالآيات النازلة في الكفار، على من عمل بها ممن انتسب إلى الإسلام، أكثر من أن تذكر» (2).
وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين:
«وأما من يقول: إن الآيات التي نزلت بحكم المشركين الأولين، فلا تتناول من فعل فعلهم، فهذا كفر عظيم، مع أن هذا قول لا يقوله إلَاّ ثور مرتكس في الجهل.
فهل يقول: إن الحدود المذكورة في القرآن والسنة لأناس كانوا وانقرضوا، فلا يحد الزاني اليوم، ولا تقطع يد السارق، ونحو ذلك، مع أن هذا قول يستحيا من ذكره. أفيقول هذا - أحد المجادلين عن المشركين -:
(1)«عقيدة الموحدين» ، الكلمات النافعة:(ص 233).
(2)
«الدرر السنية» : (10/ 58، 59).
إن المخاطبين بالصلاة، والزكاة، وسائر شرائع الإسلام، انقرضوا وبطل حكم القرآن؟» (1).
* * *
* لقد استند المشركون إلى الجهال الذين ظهروا لهم بلباس العلماء والصلحاء، وقرَّروا لهم أن المقصود من التوحيد: مجرد التلفظ بالشهادتين، ولا يضر بعد ذلك فعل شيء، ثم حضروا حفلات شركهم ونوادي إفكهم فحسَّنوها لهم، ومن لم يحسنها لم ينكرها، فاطمئن عبَّاد القبور والمشركون إلى ذلك، وثلجت به صدورهم، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من براهين الموحدين، وحجج المتحنِّفين، فعلَت بذلك رايتهم، وارتفع إفكهم، وساد شركهم.
قال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر الإمام العلامة رحمه الله في ردِّ هذا الإفك المبين:
وأما قوله - أي أحد المجادلين عن المشركين - ومنها: أن كثيرًا من العلماء الكبار فعلوا هذه الأمور، وفعلت بحضرتهم، ولم تنكر، ومن ذلك تتابعهم على بناء القباب على القبور، واتخاذها أعيادًا في الغالب، فلكل شيخ يوم معروف، في شهر معلوم، يؤتى إليه من النواحي، وقد يحضرهم بعض العلماء فلا ينكر.
فالجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن يقال: قد افترض الله على الخلق طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر أن من أطاعه فقد أطاع الله، فقال تعالى:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، وقال:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران: 31]، وقال:{وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
(1)«مجموعة الرسائل والمسائل» : (2/ 130)، رسائل وفتاوى عبد الله أبي بطين.
وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ
…
} [النساء: 59] الآية.
فإذا اختلف الناس في شيء من أمور الدين، هل هو واجب أو محرَّم أو جائز، وجب رد ما وقع فيه الاختلاف إلى الله والرسول، ويجب على المؤمن إذا دعي إلى ذلك أن يقول: سمعًا وطاعة، قال الله تعالى:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: 51]، فنحن نحاكم من نازعنا في هذه المسألة وغيرها من المسائل، إلى الله والرسول، لا إلى أقوال الرجال وآرائهم.
فنقول لمن أجاز بناء القباب على القبور بالجص والآجر، وأسرجها وفرشها بالرخام، وعلَّق عليها قناديل الفضة وبيض النعام، وكساها كما يكسى بيت الله الحرام: هل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا وحثَّ عليه؟ أم نهى عنه وأمر بإزالة مع وضع من ذلك عليه؟. فما أمرنا به ائتمرنا، وما نهانا عنه انتهينا، وسنته هي الحاكمة بيننا وبين خصومنا في محل النزاع.
فنقول: قد ثبت في صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن لا أدع تمثالاً إلَاّ طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلَاّ سويته» . وفي صحيحه أيضًا: عن ثمامة بن شفي الهماني، قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوِّي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأمر بتسويتها» ، وفي صحيحه أيضًا، عن جابر بن عبد الله،
قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى
عليه». وفي سنن أبي داود، والترمذي، عن جابر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -
نهى أن تجصص القبور، وأن يبنى عليها، ويكتب عليها»، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه الإمام أحمد، وأهل السنن.
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البناء عليها، وأمر بهدمه بعدما يبنى، ونهى عن الكتابة عليها، ولعن من أسرجها، فنحن نأمر بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسويتها، وننهى عن البناء عليها، كما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي افترض الله علينا طاعته واتباعه ....
(منزلة الصحابة في الاتباع)
الوجه الثاني: أن يقال: إذا لم يقنع ولم يطمئن قلبك بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلت: العلماء أعلم منا بالسنة، وأطوع لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
فنقول أعلم الناس بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نهى عنه أصحابه رضي الله عنهم، فهم أعلم الناس بسنته، وأطوعهم لأمره، وهم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ورضي عمَّن اتبعهم بإحسان.
وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسَّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة» .
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خير القرون قرني الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنًا فليستنَّ بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه،
فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الصراط المستقيم.
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: يا معشر القرَّاء، استقيموا وخذوا طريق من قبلكم، فوالله لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن أخذتم يمينًا وشمالاً، لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا.
فإن احتج أحد علينا بما عليه المتأخرون، قلنا الحجة بما عليه الصحابة والتابعون الذين هم خير القرون، لا بما عليه الخلف، الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل نقل عنهم: أنهم عقدوا القباب على القبور، وأسرجوها وخلَّقوها وكسوها الحرير؟ أم هذا مما حدث بعدهم من المحدثات، التي هي بدع وضلالات.
ومعلوم: أن عندهم من قبور الصحابة، الذين ماتوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ما لا يحصى، هل بنوا على قبورهم وعظَّموها، ودعوا عندها، وتمسَّحوا بها فضلاً عن أن يسألوها حوائجهم؟ أو يسألوا الله بأصحابها؟
فمن كان عنده في هذا أثر صحيح أو حسن، فليرشدنا إليه وليدلنا عليه، وأنَّى له بذلك؟ فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور وسنة خلفائه الراشدين» (1).
* * *
* لقد توارثت طوائف المشركين على مختلف العصور والدهور: شبهة الاحتجاج بفعل الآباء للشرك، الذين هم محل الثقة لديهم، ولا يجتمعون - بزعمهم - إلَاّ على هدى ورشاد، ولذا فلزم الاتباع دون الابتداع.
وصدق الله إذ يقول: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن
ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى
شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ *
أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ
(1)«الدرر السنية» : (11/ 77 - 83).
الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 172 - 174].
قال الشيخ صالح الفوزان رحمه الله تعالى في معرض إيراده لبعض شبه المشركين والرد عليها:
إنه بسبب رواج الشبه والحكايات، التي ضل بها أكثر الناس، وعدوها أدلة يستندون إليها في تبرير ضلالتهم وشركهم، استمرؤوا ما هم عليه، فكان لا بد من كشف زيفها، وبيان بطلانها {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42]. وهذه الشبهة منها: ما هو قديم أدلى به المشركون من الأمم السابقة، ومنها: ما أدلى به مشركو هذه الأمة.
ومن هذه الشبه:
أولاً: شبهة تكاد مشتركة بين طوائف المشركين في مختلف الأمم، وهي شبهة الاحتجاج بما كان عليها الآباء والأجداد، وأنهم ورثوا هذه العقيدة خلفًا عن سلف، كما قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].
وهذه حجة يلجأ إليها من يعجز عن إقامة الدليل على دعواه، وهي حجة داحضة، لا يقام لها وزن في سوق المناظرة، فإن هؤلاء الآباء الذين قلَّدوهم ليسوا على هدى، ومن كان كذلك، لا تجوز متابعته والاقتداء به، قال تعالى ردَّا عليهم:{قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ} [الزخرف: 24]، وقال تعالى:{أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104]، وقال:{أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170].
وإنما يكون الاقتداء بالآباء محمودًا إذا كانوا على حق، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام، أنه قال: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا
كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللهِ مِن شَيْءٍ} [يوسف: 38]، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21].
وشبهة الاحتجاج بما كان عليه الآباء الضالون متغلغلة في نفوس المشركين، يقابلون بها دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
فقوم نوح لما قال لهم نوح: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 23، 24].
فجعلوا ما عليه آباؤهم حجة يعارضون بها ما جاءهم به نبيهم نوح عليه السلام.
وقوم صالح يقولون له: {أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود: 62].
وقوم إبراهيم يقولون له: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 74].
وفرعون يقول لموسى عليه السلام: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: 51].
ومشركو العرب يقولون لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: «قولوا لا إله إلَاّ الله» ، قالوا:{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: 7]» (1).
* * *
(1)«الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد» : (ص 61 - 64).