الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
متى يعذر الشاك في كفر الكافر حتى تقام عليه الحجة، وتبين له الأدلة
؟!
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: ما ذكرتم من قول الشيخ، كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة؛ وأنكم شاكُّون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة؛ فهذا من العجب، كيف تشكُّون في هذا وقد أوضحته لكم مرارًا؟!
فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد الإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف.
وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى:{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44]، وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع - وقد قامت عليهم -، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها.
إن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج، «أينما لقيتموهم فاقتلوهم» ، وقوله:«شرُّ قتلى تحت أديم السماء» ، مع كونهم في عصر
الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين، هو: التشدد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.
وكذلك قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.
وكذلك إجماع السلف، على تكفير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم، لأجل كونهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا.
إذا علمتم ذلك: فإن هذا الذي أنتم فيه: كفر، الناس يعبدون الطواغيت، ويعادون دين الإسلام، فيزعمون أنه ليس ردة، لعلَّهم ما فهموا الحجة، كل هذا بيِّن.
وأظهر مما تقدم: الذين حرَّقهم علي، فإنه يشابه هذا، وأما إرسال كلام الشافعية وغيرهم، فلا يتصور يأتيكم أكثر مما أتاكم، فإن كان معكم بعض الإشكال، فارغبوا إلى الله تعالى أن يزيله عنكم، والسلام» (1).
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين:
(1)«الدرر السنية» : (10/ 93 - 95).
(2)
«الدرر السنية» : (12/ 72، 73).
وسئل الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمهما الله تعالى عن: حكم الأفعال الشركية التي تفعل عند القبور، والأعياد المقامة عليها؟ فأجاب:
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمهما الله تعالى:
«وأما قول السائل: فإن كان ما يقدر من نفسه أن يتلفظ بكفرهم وسبِّهم - أي في أهل بلد مرتدين، وهكذا كان نص السؤال - ما حكمه؟
فالجواب: لا يخلو ذلك عن أن يكون شاكًا في كفرهم أو جاهلاً به، أو يقر بأنهم كفرة هم وأشباههم، ولكن لا يقدر على مواجهتهم وتكفيرهم أو يقول: غير كفار، لا أقول إنهم كفار؛ فإن كان شاكًا في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم، بينت له الأدلة من كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك أو تردَّد، فإنه كافر بإجماع العلماء، على أن من شك في كفر الكافر، فهو كافر.
وإن كان يقر بكفرهم، ولا يقدر على مواجهتهم بتكفيرهم، فهو مداهن لهم، ويدخل في قوله تعالى:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]، وله حكم أمثاله من أهل الذنوب.
وإن كان يقول: أقول غيرهم كفار، ولا أقول هم كفار، فهذا حكم منه بإسلامهم، إذ لا واسطة بين الكفر والإسلام، فإن لم يكونوا كفارًا فهم
(1)«الدرر السنية» : (10/ 439، 440).
مسلمون؛ وحينئذ فمن سمى الكفر إسلامًا، أو سمى الكفار مسلمين، فهو كافر فيكون هذا كافرًا» (1).
وقال أعضاء اللجنة الدائمة بعد أن تكلموا عن أحوال المشركين وأحكامهم، وبيَّنوا أن أصل الدين لا يقبل الاجتهاد فيه، وإنما يقع فيما دونه من الفروع العملية الظنية:
«وبذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين، الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين، الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة، لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة، وهي: اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم، بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق.
ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم إنه ولي ذلك والقادر عليه».
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز (2)