الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
كلما عظم الإيمان، اشتد الخوف من الكفر والنفاق
سئل الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى:
هل يجوز للإنسان أن يحدث نفسه بقول: أنا منافق؟ أنا أخشى الكفر؟ هل هذا شك في الدين؟ أم لا؟
الجواب: قال البخاري، في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إن إيمانه كإيمان جبرائيل وميكائيل» .
وقال ابن القيم: تالله لقد قطع خوف النفاق، قلوب السابقين الأولين، لعلمهم بدقه، وجله، وتفاصيله، وجمله، ساءت ظنونهم بنفوسهم، حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا حذيفة ناشدتك الله، هل سمَّاني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم؟ فيقول: لا، ولا أزكي بعدك أحدًا، يعني: لا أفتح هذا الباب في تزكية الناس، ليس معناه: أنه لم يبرئ من النفاق غيره.
وكيف كان ما هو من صفات السابقين الأولين، شكًا في الدين؟
وعن الحسن البصري - في النفاق - ما أمنه إلَاّ منافق، ولا خافه إلَاّ مؤمن.
وقال ابن القيم رحمه الله: وبحسب إيمان العبد ومعرفته، يشتد خوفه أن يكون منهم، ولهذا: اشتد خوف سادة الأمة، وسابقيها على أنفسهم، أن يكونوا منهم. انتهى.
فكلما زاد الإيمان، اشتد الخوف من النفاق، وعلى حسب ضعف الإيمان يكون الأمن منه، وأما خوف الكفر فيكفي فيه قول الله تعالى، إخبارًا عن خليله إبراهيم:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، وهو يدل على شدة خوفه من هذا الأمر، وفي الدعاء المأثور:«اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وعذاب القبر، وأن أُردّ إلى أرذل العمر» .
واعلم: أن كون الإنسان، يشتد خوفه من الكفر، والنفاق، ويكثر البحث عن أسبابهما ونحو ذلك، هو أمر غير التلفظ به، وكونه يقول: أنا منافق، فذاك لون، وهذا لون» (1).
* * *
(1)«الدرر السنية» : (1/ 557، 558).