الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر
قال الشيخ صالح الفوزان يحفظه الله:
«إن من أعظم ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر:
صحة إيمان الشخص بتكامل أركانه، لأن الإيمان بذلك من أركان الإيمان الستَّة، التي لا يتحقق إلَاّ بها؛ كما دل على ذلك الكتاب والسنَّة.
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: طمأنينة القلب وارتياحه، وعدم القلق في هذه الحياة، عندما يتعرض الإنسان لمشاق الحياة؛ لأن العبد إذا علم أن ما يصيبه فهو مقدَّر لا بد منه، ولا رادَّ له، واستشعر قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك» ؛ فإنه عند ذلك تسكن نفسه ويطمئن باله؛ بخلاف من لا يؤمن بالقضاء والقدر؛ فإنه تأخذه الهموم والأحزان، ويزعجه القلق، حتى يتبرَّم بالحياة، ويحاول الخلاص منها، ولو بالانتحار؛ كما هو مشاهد من كثرة الذين ينتحرون فرارًا من واقعهم، وتشاؤمًا من مستقبلهم؛ لأنهم لا يؤمنون بالقضاء والقدر؛ فكان تصرفهم ذلك نتيجة حتمية لسوء اعتقادهم
…
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: الثبات عند مواجهة الأزمات، واستقبال مشاق الحياة بقلب ثابت، ويقين صادق، لا تزلزله الأحداث، ولا تهزه الأعاصير؛ لأنه يعلم أن هذه الحياة دار ابتلاء وامتحان وتقلب؛ كما قال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}
[الملك: 2].
وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].
كم جرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صحابته، من المحن والشدائد لكنهم واجهوها بالإيمان الصادق، والعزم الثابت، حتى اجتازوها بنجاح باهر، وما ذاك إلَاّ لإيمانهم بقضاء الله وقدره، واستشعارهم لقوله تعالى:{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَاّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: تحويل المحن إلى منح، والمصائب إلى أجر؛ كما قال تعالى:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَاّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11]؛ قال علقمة: «هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلِّم»
…
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة، فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده، ولا يهاب الموت؛ لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر، لا يمنع منه حصون ولا جنود {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء: 78]، {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154].
وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية، من الإيمان بالقدر، يمضي في جهاده، حتى يتحقق النصر على الأعداء، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين» (1).
* * *
(1)«الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد» : (301 - 304).