الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (1)، قَال التُّمُرْتَاشِيُّ: وَيَطْهُرُ خُفٌّ وَنَحْوُهُ، كَنَعْلٍ تَنَجَّسَ بِذِي جُرْمٍ بِدَلْكٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَإِنْ كَانَ رَطْبًا عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ. وَهُوَ الأَْصَحُّ الْمُخْتَارُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِعُمُومِ الْبَلْوَى (2) .
وَلِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَل فِيهِمَا. (3)
4 -
وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ مِنَ الأَْحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى عُمُومِ الْبَلْوَى فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ: جَوَازُ أَكْل الْمَيْتَةِ وَمَال الْغَيْرِ مَعَ ضَمَانِ الضَّرَرِ إِذَا اُضْطُرَّ. وَأَكْل الْوَلِيِّ مِنْ مَال الْيَتِيمِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إِذَا احْتَاجَ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الرَّدِّ بِالْخِيَارَاتِ فِي الْبَيْعِ (4) .
وَكَذَلِكَ مَشْرُوعِيَّةُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ (غَيْرِ اللَاّزِمَةِ) لأَِنَّ لُزُومَهَا يَشُقُّ، كَمَا ذَكَرَ مِنْهَا إِبَاحَةَ النَّظَرِ لِلْخُطْبَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالإِْشْهَادِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَالَجَةِ وَنَحْوِهَا (5) .
وَلِتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ وَأَمْثَالِهَا يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (تَيْسِير ف 48 وَمَا بَعْدَهَا،
(1) ابن عابدين 1 / 206، وجواهر الإكليل 1 / 12.
(2)
ابن عابدين 1 / 206.
(3)
حديث: " إذا جاء أحدكم إلى المسجد. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 427) من حديث أبي سعيد الخدري، وصحح إسناده النووي في المجموع (2 / 179) .
(4)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص87.
(5)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص87، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص79.
وَحَاجَة ف 24 وَمَا بَعْدَهَا) .
5 -
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ جَوَازِ عَقْدِ الاِسْتِصْنَاعِ - وَهُوَ عَقْدُ مُقَاوَلَةٍ مَعَ أَهْل الصَّنْعَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَل شَيْئًا (1) - مَعَ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ لأَِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْمَعْدُومِ؛ إِلَاّ أَنَّهُ أُجِيزَ لِلْحَاجَةِ الْمَاسَّةِ إِلَيْهِ وَفِي مَنْعِهِ مَشَقَّةٌ وَإِحْرَاجٌ (2) .
وَمِنَ الْمَسَائِل الَّتِي بَنَاهَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عُمُومِ الْبَلْوَى جَوَازُ إِجَارَةِ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ مَعَ الْمَاءِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: جَازَ إِجَارَةُ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مَعَ الْمَاءِ تَبَعًا، بِهِ يُفْتَى لِعُمُومِ الْبَلْوَى (3) .
لَكِنَّ الْمَشَقَّةَ وَالْحَرَجَ إِنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا نَصَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْبَلْوَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: لَا اعْتِبَارَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْبَلْوَى فِي مَوْضِعِ النَّصِّ، كَمَا فِي بَوْل الآْدَمِيِّ، فَإِنَّ الْبَلْوَى فِيهِ أَعَمُّ (4) .
ثَانِيًا: الْمَسَائِل الأُْصُولِيَّةُ:
ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ أَثَرَ عُمُومِ الْبَلْوَى فِي مَسَائِل مِنْهَا:
أ -
خَبَرُ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعُمُّ فِيهِ الْبَلْوَى:
6 -
اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ
(1) المجلة م 124.
(2)
ابن عابدين 4 / 246، وبغية المسترشدين ص133.
(3)
ابن عابدين 5 / 39.
(4)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 84.
فِيمَا تَعُمُّ فِيهِ الْبَلْوَى، هَل يُوجِبُ الْعَمَل أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ عَامَّةُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ يُقْبَل خَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا صَحَّ سَنَدُهُ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَْكْثَرُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِعَمَل الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فَإِنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، مِثْل رُجُوعِهِمْ إِلَى خَبَرِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي وُجُوبِ الْغُسْل بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَبِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْل فِي هَذَا الْبَابِ ظَنِّيُّ الصِّدْقِ، فَيَجِبُ قَبُولُهُ، كَمَا إِذَا لَمْ تَعُمَّ بِهِ الْبَلْوَى، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِيَاسَ يُقْبَل فِيهِ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنَ الْخَبَرِ. فَإِذَا قُبِل فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. مَا هُوَ دُونَ الْخَبَرِ - أَيِ الْقِيَاسِ - فَلأََنْ يُقْبَل فِيهِ الْخَبَرُ أَوْلَى (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ وَتَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي مَسِّ الذَّكَرِ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لَا يُثْبِتُ الْوُجُوبَ دُونَ اشْتِهَارٍ أَوْ تَلَقِّي الأُْمَّةِ بِالْقَبُول. لأَِنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَكْثُرُ السُّؤَال عَنْهُ مِنْ حَيْثُ احْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ مُتَوَاتِرًا، لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَلَا يُعْمَل بِالآْحَادِ
(1) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 3 / 16، 17، وفواتح الرحموت مع مسلم الثبوت 3 / 129 - 131، وجمع الجوامع مع حاشية البناني 2 / 130، 135.
فِيهِ (1)، قَال فِي كَشْفِ الأَْسْرَارِ: إِنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِي اسْتِفَاضَةَ نَقْل مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَذَلِكَ لأَِنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَمَسِّ الذَّكَرِ لَوْ كَانَ مِمَّا تُنْتَقَضُ بِهِ الطَّهَارَةُ لأََشَاعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مُخَاطَبَةِ الآْحَادِ، بَل يُلْقِيهِ إِلَى عَدَدٍ يَحْصُل بِهِ التَّوَاتُرُ أَوِ الشُّهْرَةُ مُبَالَغَةً فِي إِشَاعَتِهِ؛ لِئَلَاّ يُفْضِيَ إِلَى بُطْلَانِ صَلَاةِ كَثِيرٍ مِنَ الأُْمَّةِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ. وَلِهَذَا تَوَاتَرَ نَقْل الْقُرْآنِ وَاشْتُهِرَتْ أَخْبَارُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا، وَلَمَّا لَمْ يُشْتَهَرْ عَلِمْنَا أَنَّهُ سَهْوٌ أَوْ مَنْسُوخٌ (2) ، وَمِنْ أَحَادِيثِ الآْحَادِ الَّتِي لَمْ يَأْخُذْ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ لِمُخَالَفَةِ عُمُومِ الْبَلْوَى حَدِيثُ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ (3) فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَمَل الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ خِلَافَ ذَلِكَ مُدَّةَ عُمْرِهِمْ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَهُمْ، وَمِنَ الْبَيِّنِ أَنَّ شَأْنَهُمْ أَجَل مِنْ أَنْ يَتْرُكُوا السُّنَّةَ مُدَّةَ عُمْرِهِمْ (4) .
(1) مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت 2 / 128 - 130، وجمع الجوامع 2 / 135، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 3 / 17.
(2)
كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 3 / 17.
(3)
حديث: " الجهر بالتسمية. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 14) من حديث ابن عباس بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته بـ " بسم الله الرحمن الرحيم ".
(4)
فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2 / 129، وانظر كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 3 / 16، 17، 18.