الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَرْس
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْغَرْسُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ غَرَسَ يَغْرِسُ، يُقَال: غَرَسَ الشَّجَرَ غَرْسًا إِذَا أَثْبَتَهُ فِي الأَْرْضِ، كَأَغْرِسُهُ، وَالْغِرَاسُ مَا يُغْرَسُ مِنَ الشَّجَرِ، وَوَقْتُ الْغَرْسِ، وَيُطْلَقُ الْغَرْسُ عَلَى نَفْسِ الشَّجَرَةِ وَالْفَسِيلَةِ أَوِ الْقَضِيبِ الَّذِي يُغْرَسُ. (1) وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَى الْغَرْسِ فِي الاِصْطِلَاحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الزَّرْعُ:
2 -
الزَّرْعُ طَرْحُ الْبَذْرِ، وَيُطْلَقُ الزَّرْعُ عَلَى الْمَزْرُوعِ أَيْضًا، أَيْ مَا اسْتُنِبْتَ بِالْبَذْرِ، تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُل مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ
(1) متن اللغة، والمعجم الوسيط، ولسان العرب، والمصباح المنير.
وَأَنْفُسُهُمْ} (1) . وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا يُسَمَّى زَرْعًا إِلَاّ وَهُوَ غَضٌّ طَرِيٌّ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْغَرْسِ:
أَوَّلاً: فَضْل الْغَرْسِ:
3 -
وَرَدَ فِي فَضْل الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ أَحَادِيثُ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَنَسٌ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُل مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَاّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ. (3) وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ مَا دَامَ الزَّرْعُ وَالْغَرْسُ مَأْكُولاً مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ زَارِعُهُ وَغَارِسُهُ، وَلَوِ انْتَقَل مِلْكُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الأَْجْرَ يَحْصُل لِلْغَارِسِ وَلَوْ كَانَ مِلْكُهُ لِغَيْرِهِ. (4)
ثَانِيًا: عَقْدُ الْمُغَارَسَةِ:
4 -
الْمُغَارَسَةُ عَقْدٌ عَلَى غَرْسِ شَجَرٍ فِي
(1) سورة السجدة / 27.
(2)
المصباح المنير، ولسان العرب، والقاموس المحيط.
(3)
حديث: " ما من مسلم يغرس غرسًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 3) ومسلم (3 / 1189) .
(4)
فتح الباري 5 / 4.
أَرْضٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ، وَتُسَمَّى أَيْضًا: الْمُنَاصَبَةُ. (1) وَجَعَلَهَا الْحَنَابِلَةُ قِسْمًا مِنَ الْمُسَاقَاةِ، حَيْثُ قَالُوا: الْمُسَاقَاةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَشَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَغْرِسُهُ، وَهِيَ الْمُنَاصَبَةُ، أَوْ شَجَرٌ مَغْرُوسٌ مَعْلُومٌ لِمَنْ يَعْمَل عَلَيْهِ. (2)
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى صِحَّةِ الْمُغَارَسَةِ فِي الأَْشْجَارِ عَلَى سَبِيل الإِْجَارَةِ، كَأَنْ يَقُول لَهُ: اغْرِسْ لِي هَذِهِ الأَْرْضَ نَخْلاً أَوْ عِنَبًا أَوْ زَيْتُونًا وَلَكَ كَذَا، وَتَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الإِْجَارَةِ (3) .
أَمَّا الْمُغَارَسَةُ عَلَى سَبِيل الشَّرِكَةِ، بِأَنْ تُعْطَى الأَْرْضُ لِلْعَامِل لِغَرْسِ الأَْشْجَارِ، وَتَكُونَ الأَْرْضُ وَالأَْشْجَارُ بَيْنَهُمَا، أَوِ الأَْشْجَارُ وَحْدَهَا بَيْنَهُمَا، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ:
فَأَمَّا الْمُغَارَسَةُ عَلَى سَبِيل الشَّرِكَةِ فِي الأَْشْجَارِ وَحْدَهَا فَهِيَ كَمَا يَلِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَرْضًا مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ مَا تَحْصَّل مِنَ الأَْغْرَاسِ وَالثِّمَارِ بَيْنَهُمَا جَازَ. (4)
(1) ابن عابدين 5 / 183، وجواهر الإكليل 2 / 182.
(2)
كشاف القناع 3 / 532.
(3)
ابن عابدين 5 / 183 - 185، وجواهر الإكليل 2 / 182 - 183، وحاشية القليوبي 2 / 63، وكشاف القناع 3 / 532 - 535، والمغني لابن قدامة 5 / 392.
(4)
ابن عابدين 5 / 183.
وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ الْحَنَابِلَةُ، حَيْثُ صَرَّحُوا بِجَوَازِ دَفْعِ أَرْضٍ وَشَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَل عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ أَوْ مِنْهُ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا تَصِحُّ الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ فِي أَحَدِهِمَا، أَيِ الأَْرْضِ أَوِ الشَّجَرِ. (2)
كَمَا صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُنَاصَبَةِ، بِأَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَالشَّجَرَةُ بَيْنَهُمَا. (3)
وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّال: أَنَّ الْحَاصِل فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْعَامِل، وَلِمَالِكِ الأَْرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا عَلَيْهِ. (4)
وَأَمَّا الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الأَْرْضِ وَالأَْشْجَارِ مَعًا فَلَا تَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَذَلِكَ لاِشْتِرَاطِ الشَّرِكَةِ فِيمَا هُوَ مَوْجُودٌ قَبْل الشَّرِكَةِ، لأَِنَّهُ نَظِيرُ مَنِ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا يَصْبُغُ ثَوْبَهُ بِصَبْغِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْمَصْبُوغِ لِلصَّبَّاغِ، فَكَانَ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ، كَمَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ. (5)
(1) كشاف القناع 3 / 532.
(2)
جواهر الإكليل 2 / 183.
(3)
مغني المحتاج 2 / 324.
(4)
مغني المحتاج 2 / 324.
(5)
حاشية ابن عابدين وبهامشه الدر المختار 5 / 183، 184، وكشاف القناع 3 / 35.