الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْغِنَى وَالْيَسَارِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الأَْقَارِبِ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الأَْبَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ الْفُقَرَاءِ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ.
وَحَدُّ الْغِنَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِلْكُ نِصَابِ الزَّكَاةِ زَائِدًا عَنْ حَاجَتِهِ الأَْصْلِيَّةِ وَحَاجَاتِ عِيَالِهِ فِي قَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَقَال مُحَمَّدٌ: إِذَا كَانَ لَهُ نَفَقَةُ شَهْرٍ وَعِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ لَهُ وَلِعِيَالِهِ، أُجْبِرَ عَلَى نَفَقَةِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَأَمَّا مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ يَكْتَسِبُ كُل يَوْمٍ دِرْهَمًا وَيَكْتَفِي مِنْهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ مَا يَتَّسِعُ بِهِ، وَيُنْفِقُ فَضْلَهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَوْل مُحَمَّدٍ هُوَ الأَْوْفَقُ كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ.
وَأَطْلَقَ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ الْيَسَارِ دُونَ تَحْدِيدٍ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُعْسِرِ لِوَالِدَيْهِ تَكَسُّبٌ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّكَسُّبِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ إِلَاّ عَلَى مُوسِرٍ أَوْ مُكْتَسِبٍ يَفْضُل عَنْ حَاجَتِهِ مَا يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَفْضُل عَنْ نَفَقَتِهِ شَيْءٌ
(1) الاختيار 4 / 12، والبدائع 4 / 30، وما بعدها، وجواهر الإكليل 1 / 406، والشرح الصغير 1 / 525 - 526 ط الحلبي.
فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَعَلَى ذِي قَرَابَتِهِ (1) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ غَيْرَ مَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه؛ وَلأَِنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ مُوَاسَاةٌ وَنَفَقَةَ الزَّوْجَةِ عِوَضٌ، فَقُدِّمَتْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ؛ وَلأَِنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ لِحَاجَتِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ.
وَقَالُوا إِنَّهُ يَلْزَمُ كَسُوبًا - إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ - كَسْبُهَا فِي الأَْصَحِّ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ (2) وَلأَِنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَالْقُدْرَةِ بِالْمَال (3) .
اعْتِبَارُ الْغِنَى فِيمَنْ يَتَحَمَّل الدِّيَةَ:
18 -
يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَحَمَّل الدِّيَةَ مِنَ الْعَاقِلَةِ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا قَادِرًا عَلَى دَفْعِ مَا يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّيَةِ.
(1) حديث: " إذا كان أحدكم فقيرًا. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 266) من حديث جابر بن عبد الله، وأصله في صحيح مسلم (2 / 693) .
(2)
حديث: " كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته ". أخرجه مسلم (2 / 692) من حديث عبد الله بن عمرو.
(3)
المهذب 2 / 167، ومغني المحتاج 3 / 448، والمغني 7 / 584، وكشاف القناع 5 / 481، وشرح منتهى الإرادات 3 / 255.