الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّفْظُ يَدُل عَلَى أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَال تَعَالَى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد مِنَّا فَضْلاً} (1) ، يَعْنِي الْمُلْكَ وَالْمَال، وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى (2) وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّك أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. (3)
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغِنَى مِنْ أَحْكَامٍ:
10 -
يَتَعَلَّقُ بِالْغِنَى أَحْكَامٌ مِنْ حَيْثُ الإِْعْطَاءُ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَاجِبًا كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ، أَوْ كَانَ الإِْعْطَاءُ مُسْتَحَبًّا كَالتَّبَرُّعَاتِ، أَوْ كَانَ الإِْعْطَاءُ حَرَامًا كَالإِْنْفَاقِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ.
كَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغِنَى أَحْكَامٌ مِنْ حَيْثُ الأَْخْذُ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْغَنِيِّ الأَْخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْكَفَّارَاتِ، بَيْنَمَا يَحِل لَهُ الأَْخْذُ مِنَ التَّبَرُّعَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَيَتَعَلَّقُ بِالْغِنَى كَذَلِكَ أَحْكَامٌ مِنْ حَيْثُ
(1) سورة سبأ / 10.
(2)
حديث: " اليد العليا خير من اليد السفلى ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 335) ومسلم (2 / 717) من حديث حكيم بن حزام.
(3)
حديث: " إنك إن تذر ورثتك. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 269) ، ومسلم (3 / 1251) من حديث سعد بن أبي وقاص، وانظر المبسوط 30 / 251 - 252، وفتح الباري 11 / 274 - 275.
الْعَلَاقَةُ مَعَ الْغَيْرِ، كَاعْتِبَارِ غِنَى الزَّوْجِ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْغِنَى. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أَثَرُ الْغِنَى فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ:
11 -
مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَكَانَ غَنِيًّا قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ، فَإِنْ مَاطَل كَانَ آثِمًا ظَالِمًا، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَطْل الْغَنِيِّ ظُلْمٌ (1) وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِالأَْدَاءِ بَعْدَ طَلَبِ الْغُرَمَاءِ، فَإِنِ امْتَنَعَ حَبَسَهُ الْقَاضِي لِظُلْمِهِ بِتَأْخِيرِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِل عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ (2) ، وَالْحَبْسُ عُقُوبَةٌ، فَإِنِ امْتَنَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَفَّى الْقَاضِي مِنْهُ غُرَمَاءَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَال مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَاعَ الْقَاضِي عَلَيْهِ هَذَا الْمَال، أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْبَيْعِ لأَِدَاءِ الدَّيْنِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَاعَ عَلَى مُعَاذٍ
(1) حديث: " مطل الغنى ظلم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 61) ، ومسلم (3 / 1197) من حديث أبي هريرة.
(2)
حديث: " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ". أخرجه أبو داود (4 / 45 - 46) من حديث الشريد بن سويد، وحسنه ابن حجر في الفتح (5 / 62) .