الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَالِثًا: ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا أَرَادَ إِمْسَاكَ الْمَعِيبِ وَأَخْذَ أَرْشِ النَّقْصِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَذَّرِ الرَّدُّ، رَضِيَ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الأَْرْشِ أَوْ سَخِطَ بِهِ؛ لأَِنَّهُ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَكَانَ لَهُ الأَْرْشُ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ. وَلأَِنَّهُ فَاتَ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ، فَكَانَتْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِعِوَضِهِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ فَبَانَتْ تِسْعَةً، وَلأَِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعَوَّضِ، فَكُل جُزْءٍ مِنَ الْعِوَضِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنَ الْمُعَوَّضِ، وَمَعَ الْعَيْبِ فَاتَ جُزْءٌ مِنْهُ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِهِ وَهُوَ الأَْرْشُ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الرِّبَا، كَشِرَاءِ حُلِيٍّ بِفِضَّةٍ بِزِنَتِهِ. (1)
وَإِنِ اشْتَرَى رَجُلٌ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، أَوِ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُ فِي وِعَاءَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ لَهُ إِلَاّ رَدُّهُمَا مَعًا أَوْ إِمْسَاكُهُمَا وَالْمُطَالَبَةُ بِالأَْرْشِ؛ لأَِنَّ فِي رَدِّ أَحَدِهِمَا تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ إِمْكَانِ أَنْ لَا يُفَرِّقَهَا - أَشْبَهَ رَدَّ بَعْضِ الْمَعِيبِ الْوَاحِدِ - فَإِنْ تَلِفَ أَحَدُ الْمَعِيبَيْنِ وَبَقِيَ الآْخَرُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ التَّالِفِ، وَالْقَوْل
(1) المغني 4 / 162، 163، وكشاف القناع 3 / 218، 225.
قَوْل الْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ التَّالِفِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لأَِنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ مِنْ زِيَادَةِ قِيمَتِهِ.
وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا وَالآْخَرُ سَلِيمًا، وَأَبَى الْمُشْتَرِي أَخْذَ الأَْرْشِ عَنِ الْعَيْبِ فَلَهُ رَدُّهُ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّهُ رَدٌّ لِلْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي رَدَّ السَّلِيمِ لِعَدَمِ عَيْبِهِ إِلَاّ أَنْ يَنْقُصَهُ تَفَرُّقٌ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ، أَوْ يَحْرُمُ تَفْرِيقٌ كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا وَنَحْوِهِ كَأَخِيهَا، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، بَل لَهُ رَدُّهُمَا مَعًا أَوِ الأَْرْشُ دَفْعًا لِضَرَرِ الْبَائِعِ أَوْ لِتَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ. (1)
وَأَمَّا طُرُقُ إِثْبَاتِ الْعَيْبِ وَمَوَانِعُ الرَّدِّ بِهِ فَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ
(خِيَارُ الْعَيْبِ ف 6 وَمَا بَعْدَهَا)
الْعَيْبُ فِي الصَّرْفِ:
23 -
الصَّرْفُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا بِمُعَيَّنٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ.
وَالْعَيْبُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ نَفْسِ الْجِنْسِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَالْعِوَضَانِ إِمَّا أَنْ
(1) المغني لابن قدامة 4 / 162، 163، كشاف القناع 3 / 218، 225.