الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي (1)
وَالْمَذْمُومُ مَا كَانَ فِي سَبِيل الْبَاطِل، وَيُهَيِّجُهُ الْكِبْرُ، وَالاِسْتِعْلَاءُ، وَالأَْنَفَةُ، وَهَذَا الْغَضَبُ مَذْمُومٌ شَرْعًا، قَال تَعَالَى فِي وَصْفِ الَّذِينَ يَتَمَادَوْنَ فِي الْبَاطِل، وَيَغْضَبُونَ لَهُ:{وَإِذَا قِيل لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِْثْمِ} (2) . وَقَال فِي ذَمِّ الْكُفَّارِ بِمَا تَظَاهَرُوا مِنَ الْحَمِيَّةِ الصَّادِرَةِ بِالْبَاطِل: {إِذْ جَعَل الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} (3) وَهَذَا مَذْمُومٌ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لِنَفْسِهِ كَأَنْ يَجْهَل عَلَيْهِ أَحَدٌ أَوْ يُسِيءَ إِلَيْهِ، فَالأَْفْضَل لَهُ كَظْمُ الْغَيْظِ، وَالْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَسَاءَ إِلَيْهِ. (4) قَال تَعَالَى فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (5) .
(1) حديث: " أتعجبون من غيرة سعد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 172) ومسلم (2 / 1136) من حديث المغيرة بن شعبة.
(2)
سورة البقرة / 206.
(3)
سورة الفتح / 26.
(4)
إحياء علوم الدين 3 / 164 وما بعدها، فتح الباري 10 / 517 وما بعدها.
(5)
سورة آل عمران / 134.
آثَارُ الْغَضَبِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْغَضْبَانِ:
4 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْغَضْبَانَ مُكَلَّفٌ فِي حَال غَضَبِهِ، وَيُؤَاخَذُ بِمَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنْ كُفْرٍ، وَقَتْل نَفْسٍ، وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَلَاقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عَتَاقٍ وَيَمِينٍ، قَال ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الأَْرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ: مَا يَقَعُ مِنَ الْغَضْبَانِ مِنْ طَلَاقٍ، وَعَتَاقٍ، وَيَمِينٍ، فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ. (1)
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: حَدِيثُ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، وَفِيهِ: غَضِبَ زَوْجُهَا فَظَاهَرَ مِنْهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ وَقَالَتْ: لَمْ يُرِدِ الطَّلَاقَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَعْلَمُ إِلَاّ قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ. (2) فَجَعَل اللَّهُ الطَّلَاقَ ظِهَارًا وَلَكِنْ إِنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ أَوْ أَغُشِيَ عَلَيْهِ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ لِزَوَال عَقْلِهِ، فَأَشْبَهَ الْمَجْنُونَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (3) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (طَلَاق ف 22) .
(1) كشاف القناع 5 / 235.
(2)
حديث خولة بنت ثعلبة. أخرجه البيهقي (9 / 384 - 385) من حديث أبي العالية الرياحي، وقال: هذا مرسل ولكن له شواهد.
(3)
ابن عابدين 2 / 427، وحاشية الدسوقي 2 / 365، شرح المنهج بحاشية الجمل 4 / 324 ط: إحياء التراث العربي، كشاف القناع 5 / 235.