الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُرَادُ بِالسَّنَةِ:
9 -
تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَتِ الأَْشْهُرُ فَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا الْهِلَالِيَّةُ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّنَةِ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ وَإِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ السَّنَةِ انْصَرَفَ إِلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ (1)، وَقَال صَاحِبُ الإِْنْصَافِ: الْمُرَادُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا هِلَالِيَّةً. قَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ هَذَا، وَلَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ بِالْفُصُول يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ (2) .
وَقَال السَّرَخْسِيُّ: السَّنَةُ قَدْ فُسِّرَتْ بِالشَّمْسِيَّةِ أَخْذًا بِالاِحْتِيَاطِ، فَرُبَّمَا تَزُول الْعِلَّةُ فِي الأَْيَّامِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَمَرِيَّةِ وَالشَّمْسِيَّةِ. وَقَدْ رَوَى هَذَا التَّفْسِيرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ وَتُعْتَبَرُ بِالأَْيَّامِ (3) ، وَتَزِيدُ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا (4) .
وَنَقَل ابْنُ رَجَبٍ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّنَةِ هُنَا هِيَ الشَّمْسِيَّةُ الرُّومِيَّةُ، وَأَنَّهَا هِيَ الْجَامِعَةُ لِلْفُصُول الأَْرْبَعَةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الطِّبَاعُ بِاخْتِلَافِهَا، بِخِلَافِ الْهِلَالِيَّةِ، قَال صَاحِبُ الإِْنْصَافِ: الْخَطْبُ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ وَالْمُدَّةُ
(1) فتح القدير 4 / 302، والاختيار 3 / 159، ومنتهى الإرادات 2 / 186.
(2)
الإنصاف 8 / 188.
(3)
المبسوط 5 / 101، والفتاوى الخانية 1 / 410.
(4)
الاختيار 3 / 159.
مُتَقَارِبَةٌ، فَإِنَّ زِيَادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَرُبُعَ يَوْمٍ أَوْ خُمُسَ يَوْمٍ (1) .
بَدْءُ أَجَل الْعِنِّينِ:
10 -
يُعْتَبَرُ بَدْءُ السَّنَةِ مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْقَاضِي الأَْجَل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَضَرْبُ السَّنَةِ ثَبَتَ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَقَدِ ابْتَدَأَهَا هُوَ مِنْ وَقْتِ ضَرْبِهَا، وَأَجْمَعُوا عَلَى مَا فَعَلَهُ (2) ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا لَمْ يَتَرَافَعَا وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَمِنْ يَوْمِ التَّرَاضِي بِهَا (3) ، فَإِنْ كَانَ بَدْءُ السَّنَةِ بَدْءَ شَهْرٍ اُحْتُسِبَتِ السَّنَةُ بِالأَْشْهُرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَدْءَ شَهْرٍ اُحْتُسِبَ مَا بَعْدَهُ بِالأَْشْهُرِ، وَأَكْمَل هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا (4) .
نَقْصُ السَّنَةِ:
11 -
قَدْ تُوجَدُ مَوَانِعُ مِنَ الْجِمَاعِ فِي السَّنَةِ غَيْرَ مَانِعِ الْعُنَّةِ، وَتَسْتَغْرِقُ هَذِهِ الْمَوَانِعُ أَوْقَاتًا فِي السَّنَةِ، فَهَل يُضَافُ إِلَى السَّنَةِ أَوْقَاتٌ تُقَابِلُهَا أَمْ لَا؟
(1) الإنصاف 8 / 188.
(2)
المبسوط 5 / 101، شرح البهجة 4 / 168، ونهاية المحتاج 6 / 314، والمغني 7 / 605.
(3)
الخرشي 3 / 240.
(4)
نهاية المحتاج 6 / 315.
فَمِنْ هَذِهِ الْمَوَانِعِ الْحَيْضُ وَالصَّوْمُ فِي رَمَضَانَ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُعْطَى الزَّوْجُ بَدَلاً عَنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالصَّوْمِ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم قَدَّرُوا الأَْجَل بِسَنَةٍ، مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّ السَّنَةَ لَا تَخْلُو مِنْ هَذِهِ عَادَةً.
أَمَّا الْمَرَضُ الَّذِي يُمْنَعُ الْجِمَاعَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَهَا فَلَا يُحْتَسَبُ؛ لأَِنَّ السَّنَةَ قَدْ تَخْلُو عَنْهُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، قَال الْبَابَرْتِيُّ: وَعَلَيْهِ فَتْوَى الْمَشَايِخِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَال: إِذَا كَانَ الْمَرَضُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ لَا تُحْسَبُ مُدَّةُ الْمَرَضِ عَلَى الزَّوْجِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَهَا، وَيُعْطَى بَدَلاً مِنْهَا مِنَ الْعَامِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ أَقَل مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ يُحْسَبُ عَلَى الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ فِي النَّهَارِ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ غَشَيَانُهَا، وَمَعَ ذَلِكَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ رَمَضَانُ، فَعَرَفْنَا أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ وَمَا دُونَهُ عَفْوٌ لَا يُعْطَى بَدَلاً مِنْهُ (1) .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ الْمَرَضُ الأَْقَل مِنَ السَّنَةِ وَإِنْ كَانَ يَوْمًا.
(1) المبسوط 5 / 102، 103، فتح القدير 4 / 303، والفتاوى الخانية 1 / 410.
وَقَال مُحَمَّدٌ: أَقَل مِنْ شَهْرٍ لَا يُعْطَى بَدَلُهُ، أَمَّا الشَّهْرُ فَيُعْطَى بَدَلُهُ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَحْرَمَتِ الزَّوْجَةُ بِحَجَّةِ الإِْسْلَامِ، يُعْطَى الزَّوْجُ مُدَّةً بَدَلاً مِنْ مُدَّةِ حَجِّهَا؛ لأَِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ تَمَامِ حَجِّهَا. وَلِذَلِكَ فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُحْرِمَةً عِنْدَ رَفْعِ أَمْرِهَا لِلْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْرِبُ لِلزَّوْجِ أَجَلاً حَتَّى تَفْرُغَ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحَجِّ وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ جِمَاعِهِ لَهَا (2) ، وَإِنْ حَجَّ الزَّوْجُ اُحْتُسِبَتْ عَلَيْهِ مُدَّةُ حَجِّهِ لأَِنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِهِ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مَعَهُ أَوْ يُؤَخِّرَ الْحَجَّ (3)
وَإِذَا رَفَعَتِ الزَّوْجَةُ خُصُومَتَهَا وَالزَّوْجُ مُظَاهِرٌ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَقْدِرُ عَلَى الْعِتْقِ ضُرِبَ لَهُ الأَْجَل لِيَبْدَأَ فِي الْحَال، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعِتْقِ أُمْهِل لَهُ بَدْءُ الأَْجَل شَهْرَيْنِ، لأَِنَّ الزَّوْجَ مَمْنُوعٌ مِنْ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَالْعَاجِزُ عَنِ الْعِتْقِ كَفَّارَتُهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ، أَمَّا إِذَا ظَاهَرَ الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ أَثْنَاءَ الأَْجَل، وَكَفَّرَ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ لَا يُجَامِعُ فِيهِمَا بِمَنْعِ الشَّرْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى بَدَلاً
(1) الفتاوى الخانية 1 / 410.
(2)
المبسوط 5 / 102، 103، وفتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 1 / 411.
(3)
فتح القدير 4 / 303، وفتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 1 / 411.