الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَابَعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ قُرِنَ التَّزْوِيرُ بِغِشٍّ كَانَ الإِْنْكَارُ عَلَيْهِ وَالتَّأْدِيبُ مُسْتَحَقًّا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي حَقِّ السَّلْطَنَةِ مِنْ جِهَةِ التَّزْوِيرِ، وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي الْغِشِّ، وَهُوَ أَغْلَظُ الْمُنْكَرَيْنِ، وَإِنْ سَلِمَ التَّزْوِيرُ مِنْ غِشٍّ تَفَرَّدَ بِالإِْنْكَارِ لِحَقِّ السَّلْطَنَةِ خَاصَّةً (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَطْفِيف ف 3، 4)(وَحِسْبَة ف 34) .
الْغِشُّ فِي الْمُرَابَحَةِ:
12 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا مُرَابَحَةً فَقَال: هُوَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ بِعْتُكَ بِهَا وَبِرِبْحِ عَشَرَةٍ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ تِسْعُونَ، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا زَادَ عَلَى رَأْسِ الْمَال وَهُوَ عَشَرَةٌ وَحَظُّهَا مِنَ الرِّبْحِ - وَهُوَ دِرْهَمٌ - فَيَبْقَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ (2) .
وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَبَاعَهُ
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص221 - 224، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 299، ومعالم القرية في أحكام الحسبة ص86، والحسبة في الإسلام لابن تيميه ص13.
(2)
المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 4 / 260، ومغني المحتاج 2 / 79.
بِرِبْحِ خَمْسَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّهُ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ مِنَ الأَْصْل وَهُوَ الْخُمُسُ - أَيْ دِرْهَمَانِ وَمَا قَابَلَهُ مِنَ الرِّبْحِ - وَهُوَ دِرْهَمٌ، فَيَأْخُذُ الثَّوْبَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا (1) .
وَقَدْ عَلَّل الشَّافِعِيَّةُ حَطَّ الزِّيَادَةِ وَرِبْحَهَا بِقَوْلِهِمْ: لأَِنَّهُ تَمْلِيكٌ بِاعْتِمَادِ الثَّمَنِ الأَْوَّل فَتُحَطُّ الزِّيَادَةُ عَنْهُ.
وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَحُطُّ شَيْءٌ؛ لأَِنَّهُ قَدْ سَمَّى عِوَضًا وَعَقَدَ بِهِ.
وَبِنَاءً عَلَى الْحَطِّ فَهَل لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ؟ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْبَائِعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا، أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلأَِنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِالأَْكْثَرِ فَبِالأَْقَل مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِتَدْلِيسِهِ (2) .
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ (3) .
وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ. وَبَيْنَ تَرْكِهِ، لأَِنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْخِيَانَةَ فِي هَذَا الثَّمَنِ أَيْضًا (4) .
(1) حاشية رد المحتار 4 / 155، 156.
(2)
مغني المحتاج 2 / 79.
(3)
المغني مع الشرح الكبير 4 / 260.
(4)
المغني مع الشرح الكبير 4 / 260.