الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُوَاسَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَحْوُ وَظَائِفَ يَتَحَصَّل مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ عَادَةً جَمِيعَ السَّنَةِ، وَيَتَحَصَّل عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مَا يُمْكِنُ مِنْهُ الْمُوَاسَاةُ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: هَذَا فِي الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ، أَمَّا الْمُضْطَرُّ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِطْعَامُهُ وَلَوْ كَانَ مَنْ مَعَهُ الطَّعَامُ يَحْتَاجُهُ فِي ثَانِي الْحَال عَلَى الأَْصَحِّ، لِلضَّرُورَةِ النَّاجِزَةِ.
وَلَمْ يُحَدِّدِ الْحَنَابِلَةُ تَقْدِيرًا لِلْغِنَى، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ كَانَ مَعَهُ طَعَامٌ وَكَانَ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَل، بِأَنْ كَانَ خَائِفًا أَنْ يَضْطَرَّ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَقَالُوا: إِذَا اشْتَدَّتِ الْمَخْمَصَةُ فِي سَنَةِ مَجَاعَةٍ وَأَصَابَتِ الضَّرُورَةُ خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْهُ، لأَِنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَال بِالضَّرَرِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَضْلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْل مَا مَعَهُ لِلْمُضْطَرِّ (1)
اعْتِبَارُ الْغِنَى فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ:
20 -
الْغِنَى الْمُعْتَبَرُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ هُوَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الإِْنْسَانِ فَائِضٌ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ، فَيَتَصَدَّقُ مِنْهُ، فَإِنْ
(1) ابن عابدين 5 / 215، 283، والاختيار 4 / 175، والدسوقي 2 / 112، 174، ومغني المحتاج 4 / 212، 308 - 309، والمغني 8 / 602 - 603، وكشاف القناع 6 / 198 - 200.
تَصَدَّقَ الإِْنْسَانُ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَتَهُ أَوْ مُؤْنَةَ مَنْ يَمُونُهُ كَانَ آثِمًا، فَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ، قَال: أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك، قَال: عِنْدِي آخَرُ، قَال: أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِك، قَال عِنْدِي آخَرُ. قَال: أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِك، قَال: عِنْدِي آخَرُ، قَال: أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِك، قَال: عِنْدِي آخَرُ، قَال: أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ (1) وَقَال صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ (2) وَتَحِل صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لِلأَْغْنِيَاءِ كَمَا تَحِل لِلْفُقَرَاءِ.
وَالْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ هُنَا مَنْ مُنِعَ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ لِغِنَاهُ، فَيَحِل لَهُ الأَْخْذُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، إِلَاّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا وَالتَّعَفُّفُ، فَلَا يَأْخُذْهَا وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا، فَإِنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَأَخَذَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (3) .
(1) حديث: " أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عندي دينار. . . ". أخرجه الشافعي في المسند (2 / 64 - ترتيبه) والحاكم (1 / 415) وصححه، ووافقه الذهبي، واللفظ للشافعي.
(2)
حديث: " كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته ". تقدم ف 17.
(3)
حاشية ابن عابدين 2 / 67، 71، وبدائع الصنائع 2 / 47، و6 / 133، 221، والحطاب 2 / 347، والفواكه الدواني 2 / 216، 223، والمهذب 1 / 182، ومغني المحتاج 3 / 120، 122، وكشاف القناع 2 / 295، 298، والكافي 1 / 342، والمغني 2 / 659.