الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَجِبُ رَدُّهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لأَِنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِذَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهٍ يَفْضُل مِنْهُ كَثِيرٌ إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ فَقَدْ أَخَذَ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ، لأَِنَّ الأَْصْل تَحْرِيمُهُ؛ لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَسَائِرِ الْمَال، وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ مَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَمَا زَادَ يَبْقَى عَلَى أَصْل التَّحْرِيمِ، وَلِهَذَا لَمْ يُبَحْ لَهُ بَيْعُهُ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: يَجِبُ رَدُّهُ أَيْضًا، لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: أَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ (1) وَلأَِنَّهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَلَمْ يُقْسَمْ، فَلَمْ يُبَحْ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ كَالْكَثِيرِ لَوْ أَخَذَهُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، وَالثَّانِي: مُبَاحٌ، وَهُوَ قَوْل مَكْحُولٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ، قَال أَحْمَدُ: أَهْل الشَّامِ يَتَسَاهَلُونَ فِي هَذَا، وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنَّا نَأْكُل الْجَزُورَ فِي الْغَزْوِ وَلَا نَقْسِمُهُ، حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَرْجِعُ إِلَى رِجَالِنَا وَأَخْرِجَتُنَا مِنْهُ مُمْلأََةٌ. (2) وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ أَدْرَكْت
(1) حديث: " أدوا الخيط والمخيط ". أخرجه ابن ماجه (2 / 950) من حديث عبادة بن الصامت، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 21) .
(2)
حديث بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنا نأكل الجزور في الغزو. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 152) وعنه البيهقي في المعرفة (13 / 189) ونقل البيهقي عن الشافعي أنه ضعف إسناده.
النَّاسَ يَقْدَمُونَ بِالْقَدِيدِ فَيُهْدِيهِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، لَا يُنْكِرُهُ عَامِلٌ وَلَا إِمَامٌ وَلَا جَمَاعَةٌ، وَهَذَا نَقْلٌ لِلإِْجْمَاعِ؛ وَلأَِنَّهُ أُبِيحَ إِمْسَاكُهُ عَنِ الْقَسْمِ فَأُبِيحَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، كَمَا أُبِيحَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي الأَْشْيَاءِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا. وَيُفَارِقُ الْكَثِيرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِمْسَاكُهُ عَنِ الْقِسْمَةِ لأَِنَّ الْيَسِيرَ تَجْرِي الْمُسَامَحَةُ فِيهِ وَنَقْصُهُ قَلِيلٌ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ. (1)
سَهْمُ الْغَال:
6 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْغَال يَسْتَحِقُّ سَهْمَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ، قَال الْمِرْدَاوِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيل: يَحْرُمُ سَهْمُهُ، وَاخْتَارَهُ الآْجُرِّيُّ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. (2)
مَال الْغَال الَّذِي غَلَّهُ إِذَا تَابَ:
7 -
إِذَا تَابَ الْغَال قَبْل الْقِسْمَةِ رَدَّ مَا أَخَذَهُ فِي الْمَغْنَمِ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ تَعَيَّنَ رَدُّهُ لأَِصْلِهِ، فَإِنْ تَابَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَمُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنْ يَرُدَّ خُمُسَهُ إِلَى الإِْمَامِ وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، وَهَذَا قَوْل الْحَسَنِ وَاللَّيْثِ وَالزُّهْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ، لِمَا
(1) المغني 8 / 442 - 443 ط الرياض.
(2)
شرح السير الكبير 4 / 1208، والتاج والإكليل بهامش الحطاب 3 / 354، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 4 / 185 ط التراث.