الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ قُدَامَةَ: كُل مَا جَازَ التَّوْكِيل فِيهِ جَازَ اسْتِيفَاؤُهُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّل وَغَيْبَتِهِ، كَالْحُدُودِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَاحْتِمَال الْعَفْوِ بَعِيدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا لَبَعَثَ وَأَعْلَمَ وَكِيلَهُ بِعَفْوِهِ، وَالأَْصْل عَدَمُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ، أَلَا تَرَى أَنَّ قُضَاةَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَحْكُمُونَ فِي الْبِلَادِ وَيُقِيمُونَ الْحُدُودَ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ مَعَ احْتِمَال النَّسْخِ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ إِلَاّ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّل، لأَِنَّهَا عُقُوبَةٌ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَوِ اسْتَوْفَاهُ الْوَكِيل مَعَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّل كَانَ مَعَ احْتِمَال أَنَّهُ عَفَا، أَوْ أَنَّ الْمَقْذُوفَ قَدْ صَدَّقَ الْقَاذِفَ أَوْ أَكْذَب شُهُودَهُ فَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ. (2)
وَلِتَفْصِيل الْمَسْأَلَةِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (وَكَالَةٍ) .
غَيْبَةُ الشَّفِيعِ:
8 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ غَيْبَةَ مُسْتَحِقِّ الشُّفْعَةِ لَا تُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ
(1) جواهر الإكليل 2 / 125، وحاشية الجمل 3 / 404، ومغني المحتاج 2 / 221، والمغني لابن قدامة 5 / 88، 89.
(2)
فتح القدير 4 / 197، والمراجع السابقة.
بِالشُّفْعَةِ.
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَةَ مَا يَعْلَمُ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ. (1) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا (2)
9 -
وَاسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ حَالَاتٍ، مِنْهَا: إِذَا كَانَ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ غَائِبًا: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَنْتَظِرُ لِحُضُورِ الْغَائِبِ لاِحْتِمَال عَدَمِ طَلَبِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ، يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ إِذَا حَضَرَ وَطَلَبَ قُضِيَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مِثْل الأَْوَّل كَأَنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَوْ جَارَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ فَوْقَهُ كَأَنْ يَكُونَ الأَْوَّل جَارًا وَالثَّانِي شَرِيكًا فَيَقْضِي لِلْغَائِبِ الَّذِي حَضَرَ بِالْكُل، وَتَبْطُل شُفْعَةُ الأَْوَّل. (3) وَإِنْ كَانَ دُونَهُ، كَأَنْ كَانَ الأَْوَّل شَرِيكًا وَالَّذِي حَضَرَ جَارًا مَنَعَهُ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ تَثْبُتُ
(1) تبيين الحقائق 5 / 242، ومغني المحتاج 2 / 307، وكشاف القناع 4 / 140.
(2)
حديث: " الشفعة لمن واثبها ". قال ابن حجر في الدراية (2 / 203) : لم أجده، وإنما ذكره عبد الرزاق من قول شريح، وكذا ذكره قاسم بن ثابت في أواخر غريب الحديث، وفي المعنى ما أخرجه ابن ماجه والبزار وابن عدي من حديث ابن عمر رفعه:" الشفعة كحل العقال "، وإسناد
(3)
حاشية رد المحتار مع الدر المختار 5 / 141.