الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعْتِبَارُ الْغِنَى فِي الأُْضْحِيَّةِ:
21 -
الأُْضْحِيَّةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ سُنَّةً كَمَا يَقُول جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، أَمْ وَاجِبَةً كَمَا يَقُول أَبُو حَنِيفَةَ، يُشْتَرَطُ فِيهَا الْغِنَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُضَحِّي، وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَاّنَا (1) وَالسَّعَةُ هِيَ الْغِنَى.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْغِنَى الْمُعْتَبَرِ بِالنِّسْبَةِ لِلأُْضْحِيَّةِ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ الإِْنْسَانِ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ شَيْءٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ ذَلِكَ، سِوَى مَسْكَنِهِ وَحَوَائِجِهِ الأَْصْلِيَّةِ وَدُيُونِهِ.
وَلَمْ يُحَدِّدِ الْمَالِكِيَّةُ تَقْدِيرَ الْغِنَى وَإِنَّمَا قَالُوا: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ لِثَمَنِهَا فِي الأُْمُورِ الضَّرُورِيَّةِ فِي عَامِهِ، فَإِنِ احْتَاجَ لَهُ فِيهِ فَلَا تُسَنُّ لَهُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الأُْضْحِيَّةُ فَاضِلَةً عَنْ حَاجَةِ الْمُضَحِّي وَحَاجَةِ مَنْ يَمُونُهُ وَكِسْوَةِ فَصْلِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ وَقْتُهَا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ تَرْكُ الأُْضْحِيَّةِ لِقَادِرٍ عَلَيْهَا، وَمَنْ عَدِمَ مَا يُضَحِّي بِهِ
(1) حديث: " من كان له سعة ولم يضح. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1044) والحاكم (4 / 232) من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
اقْتَرَضَ وَضَحَّى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ (1)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أُضْحِيَّةٍ ف 16، 59)
أَثَرُ الْغِنَى بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيَّةِ:
22 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، أَمَّا الْفَقِيرُ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ (2) . لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قَال:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} (3) وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: إِنَّك أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. (4)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ قَلِيل الْمَال الَّذِي لَهُ وَرَثَةٌ فُقَرَاءُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ دُونَ الأَْلْفِ لَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُل عَنْ غِنَى الْوَرَثَةِ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّل الْمَنْعَ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ: أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً وَلأَِنَّ إِعْطَاءَ الْقَرِيبِ
(1) البدائع 5 / 64، وجواهر الإكليل 1 / 219، وأسهل المدارك 2 / 41، ومغني المحتاج 4 / 283، والمغني 8 / 617، وكشاف القناع 3 / 21.
(2)
البدائع 7 / 330 - 331، والمهذب 1 / 456 والمغني 6 / 2، 3.
(3)
سورة البقرة / 180.
(4)
حديث: " إنك إن تذر ورثتك أغنياء. . ". تقدم ف9.