الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لأَِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بِالْبَيْعِ، فَلَا يُمْلَكُ بِالتَّضْمِينِ كَالتَّالِفِ. فَإِنْ رَجَعَ الْمَغْصُوبُ وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ، فَإِذَا رَدَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ رَدُّ الْبَدَل؛ لأَِنَّهُ مَلَكَهُ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ الْمَغْصُوبِ، وَقَدْ زَالَتِ الْحَيْلُولَةُ فَوَجَبَ الرَّدُّ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِالْبَيْعِ لِغَيْرِهِ؛ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِالتَّضْمِينِ، كَالشَّيْءِ التَّالِفِ لَا يَمْلِكُهُ بِالإِْتْلَافِ؛ وَلأَِنَّهُ غَرِمَ مَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهُ بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ، فَلَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْبَدَل وَالْمُبْدَل؛ لأَِنَّ الْمَالِكَ مَلَكَ الْقِيمَةَ لأَِجْل الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ، لَا عَلَى سَبِيل الْعِوَضِ، وَلِهَذَا إِذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ إِلَيْهِ، رَدَّ الْقِيمَةَ عَلَيْهِ. (2)
نَفَقَةُ الْمَغْصُوبِ:
31 -
قَال الْمَالِكِيَّةُ: مَا أَنْفَقَ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ، كَعَلَفِ الدَّابَّةِ، وَسَقْيِ الأَْرْضِ وَعِلَاجِهَا وَخِدْمَةِ شَجَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ
(1) المهذب 1 / 368، ومغني المحتاج 2 / 277، 279.
(2)
كشاف القناع 5 / 276 - 253، المغني والشرح الكبير 5 / 417.
مِمَّا لَا بُدَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، يَكُونُ فِي نَظِيرِ الْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا الْغَاصِبُ مِنْ يَدِ الْمَغْصُوبِ؛ لأَِنَّهُ وَإِنْ ظُلِمَ لَا يَظْلِمُ. فَإِنْ تَسَاوَتِ النَّفَقَةُ مَعَ الْغَلَّةِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ زَادَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَلَّةِ، فَلَا رُجُوعَ لِلْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا غَلَّةَ لِلْمَغْصُوبِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ لِظُلْمِهِ، وَإِنْ زَادَتِ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ فَلِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِزَائِدِهَا. (1)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الأَْرْضَ الْمَغْصُوبَةَ وَأَدْرَكَهَا رَبُّهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ فَلَيْسَ لَهُ إِجْبَارُ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ، وَيُخَيَّرُ مَالِكُ الأَْرْضِ بَيْنَ تَرْكِ الزَّرْعِ إِلَى الْحَصَادِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ الزَّرْعِ بِنَفَقَتِهِ، (2) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَلَهُ نَفَقَتُهُ (3) .
(1) الشرح الصغير 3 / 598.
(2)
المغني والشرح الكبير 5 / 392.
(3)
حديث: " من زرع في أرض قوم من غير إذنهم. . . ". تقدم تخريجه ف / 22.