الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَْجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا (1) قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه؛ وَلأَِنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعِوَضِ فَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، وَقَال: هَذِهِ نَفَقَةٌ وَجَبَتْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، وَلَا يَزُول مَا وَجَبَ بِهَذِهِ الْحُجَجِ إِلَاّ بِمِثْلِهَا، وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى كَالنَّفَقَةِ، وَإِذَا أَنْفَقَتِ الزَّوْجَةُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ مَالِهِ فَبَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا رَجَعَ عَلَيْهَا الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مُنْذُ مَاتَ، لأَِنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ ارْتَفَعَ بِمَوْتِ الزَّوْجِ، فَلَا تَسْتَحِقُّ مَا قَبَضَتْهُ مِنَ النَّفَقَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ بَائِنًا فِي غَيْبَتِهِ فَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ. (2)
التَّوْكِيل أَثْنَاءَ الْغَيْبَةِ:
5 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ تَوْكِيل الْغَائِبِ غَيْرَهُ فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَمْلِكُ الْمُوَكِّل إِبْرَامَهَا، كَمَا أَجَازُوا الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِيفَائِهَا
(1) أثر عمر أنه كتب إلى أمراء الأجناد. أخرجه الشافعي في مسنده (2 / 65 - ترتيبه) وعنه البيهقي في السن (7 / 469) .
(2)
كشاف القناع 5 / 469، 470.
وَاسْتِيفَائِهَا؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ، وَالشَّخْصُ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْمُعَامَلَةَ أَوْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى السُّوقِ، أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لِلْقِيَامِ بِالْعَمَل بِنَفْسِهِ.
6 -
وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْكِيل الْغَائِبِ غَيْرَهُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيل بِإِثْبَاتِ الْحُدُودِ مِنَ الْغَائِبِ، وَكَذَا فِي الْقِصَاصِ؛ لأَِنَّ خُصُومَةَ الْوَكِيل تَقُومُ مَقَامَ خُصُومَةِ الْمُوَكِّل. (1)
وَقَال أَبُو يُوسُفَ - وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيل بِإِثْبَاتِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لأَِنَّهَا نِيَابَةٌ، فَيُتَحَرَّزُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. (2)
7 -
وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِوَاسِطَةِ الْوَكِيل:
فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيل فِي اسْتِيفَاءِ حَقٍّ لآِدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ، كَقَوَدٍ وَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ - وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّل - كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْخُصُومَاتِ، قَال
(1) حاشية الزرقاني 8 / 21، وجواهر الإكليل 2 / 125، وفتح القدير 4 / 197، وحاشية الجمل 3 / 404، والمغني لابن قدامة 5 / 89.
(2)
الاختيار 2 / 157، وحاشية الجمل 3 / 404.